قد يقال : إنا إذا أخذنا بهذه الأحاديث فلازم ذلك أن تخطِّئ كل الصحابة ونفسِّقهم ، وهذا لا يصح.
والجواب :
١ ـ أنا قد أوضحنا فيما تقدم أن صحابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم منهم من لم يبايع أبا بكر ، ومنهم من أُكرِه على البيعة ، منهم من لم يكن راضياً لكنه لا يستطيع أن ينكر على من تولّوها في شيء ، ومنهم من رأى أن صلاح أمر المسلمين في ترك الخلاف ، ومنهم من شايع وبايع. وهؤلاء منهم المعذور عند الله بلا شك ولا ارتياب.
وعليه فالأخذ بتلك النصوص الدالة على خلافة أمير المؤمنين عليهالسلام لا يستلزم تفسيق كل صحابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما هو واضح.
٢ ـ أنا لو سلمنا أن الأخذ بتلك النصوص يستلزم تفسيق كل الصحابة ، فهذا لا يوجب ترك النصوص الصحيحة الثابتة ، وذلك لأن الحجّة إنما ثبتت لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا حجة لقول أو فعل شخص غيره ، ولا سيما إذا عارض الأحاديث الثابتة.
٣ ـ أن الأحاديث الصحيحة دلَّت على أن الأمّة ستغدر بعلي عليهالسلام بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما ذلك الغدر إلا إقصاؤه عليهالسلام عن منصبه الذي أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم به ونص به عليه.
ومن تلك الأحاديث ما رواه الحاكم في المستدرك ، وابن حجر في المطالب العالية ، والبوصيري في مختصر الإتحاف وغيرهم ، عن علي عليهالسلام أنه قال : إن مما عهد إليَّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن الأمّة ستغدر بي بعده (١).
__________________
بإسناد رجاله ثقات.
(١) المستدرك ٣ / ١٤٠ قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. ٣ / ١٤٢ قال الحاكم : صحيح. ووافقه الذهبي أيضاً. المطالب العالية ٤ / ٥٦