ثم إن جعله طول الولاية دليلاً على صحَّتها واعتبارها لا يمكن التسليم به ، فإنه لم يقل به أحد ، هذا مع أنه اعتبر ولاية الإمام الحسن عليهالسلام التي دامت ستة أشهر ، ولم يعتبر ولاية مروان بن الحكم التي دامت نفس المدة.
ومن الغريب أنه زعم أن عبد الملك بن مروان لم يثبت استحقاقه للخلافة إلا بعد قيامه على الخليفة الحق عنده آنذاك وهو عبد الله بن الزبير وقتله.
والذي يظهر من كلام ابن حجر أنه يرى أن كل أولئك الحكَّام كانوا متأهِّلين للخلافة مستحقّين لها ، مع أن يزيد بن معاوية مثلاً لا يختلف المنصفون في عدم أهليته للخلافة وعدم استحقاقه لها ، لأنه تولَّى ثلاث سنين : السنة الأولى قتل فيها الحسين عليهالسلام ، والسنة الثانية أباح فيها المدينة ، والسنة الثالثة هدم فيها الكعبة ... فكيف يكون من الخلفاء الذين يكون الإسلام بهم عزيزاً منيعاً قائماً؟!
وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى.
قال ابن أبي العز الحنفي (١) : والاثنا عشر : الخلفاء الراشدون الأربعة ، ومعاوية وابنه يزيد ، وعبد الملك بن مروان وأولاده الأربعة ، وبينهم عمر بن عبد العزيز ثم أخذ الأمر في الانحلال ، وعند الرافضة أن أمر الأمَّة لم يزل في أيام هؤلاء فاسداً منغَّصاً ، يتولّى عليه الظالمون المعتدون ، بل المنافقون
__________________
(١) قال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب ٦ / ٣٢٦ : صدر الدين محمد بن علاء الدين علي بن محمد بن أبي العز الحنفي الصالحي ، اشتغل قديماً ومهر ودرس وأفتى وخطب بحسبان مدة ، ثم ولي قضاء دمشق في سنة ٧٧٩ هـ ، ثم ولي قضاء مصر بعد ابن عمه ، فأقام شهراً ثم استعفى ورجع الى دمشق على وظائفه ، ثم بدت منه هفوة فاعتقل بسببها ، وأقام مدة مقتراً خاملاً إلى أن جاء الناصري ، فرفع إليه أمره فأمر برد وظائفه ، فلم تطل مدته بعد ذلك ، وتوفي في سنة ٧٩٢ هـ ( بتصرف ).