المنجي من الوقوع في الضلال.
فمَن زعم أنه متمسك بالقرآن ، وأنه ناج من الضلال بسبب ذلك ، فهو متوهم غافل ، وذلك لأن القرآن فيه المحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، والعام والخاص ، والمطلق والمقيد ، والمبيَّن والمجمل ، وتمييز بعض ذلك عن بعضه الآخر من الأمور المشكلة التي خفيت معرفتها على علماء أكثر الطوائف ، مما سبَّب وقوع الناس في مزيد من التحير والاختلاف ، فلا مناص حينئذ من اتباع العلامة الأخرى التي يكون اتّباعها رافعاً للتحيُّر والاختلاف ، وهم أهل البيت عليهمالسلام.
والحاصل : أن الأحاديث المتقدمة دلَّت بما لا يدع مجالاً للريب على أن الناجين من كل فئات هذه الأمة هم أَتْبَاع أهل البيت عليهمالسلام ، السائرين على نهجهم ، والآخذين بهديهم ، والمقتفين لآثارهم ، دون غيرهم من الناس ، وذلك لأنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة عند أهل السنة أن الأمة تفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة ، فإذا كانت الفرقة الناجية هي التي تمسَّكت بالكتاب والعترة النبوية فغيرها لا بد أن يكون على ضلال ... ( فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنَّى تُصرَفون ).
قد يُقال : إن أهل السنة تمسَّكوا بصحابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إما عملاً بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أصحابي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم » ، أو لأنهم عدول ، فيصح الاقتداء بهم ، ولا مانع أن يكون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد جعل أكثر من علامةلهداية الأمّة ، فيكون المتمسّك بأي من العلامات المنصوبة ناجياً لا محالة.
والجواب : أن حديث ( أصحابي كالنجوم ) غير صحيح ، وقد نص جمع من أعلام أهل السنة على ضعفه وفساده.
قال ابن حجر : قال أبو بكر البزار : هذا الكلام لم يصح عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.