وقال : شَبَّه الدنيا بما فيها من الكفر والضلالات والبدع والجهالات والأهواء الزائغة ببحر لجّي يغشاه موج ، من فوقه موج ، من فوقه سحاب ، ظلمات بعضها فوق بعض ، وقد أحاط بأكنافه وأطراف الأرض كلها ، وليس منه خلاص ولا مناص إلا تلك السفينة ، وهي محبة أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
أقول : لا خلاص ولا مناص إلا تلك السفينة ، وهي اتباع أهل البيت عليهمالسلام لا محبّتهم المجرَّدة عن الاتِّباع التي لا تعصم عن الوقوع في الهلاك ، وسيأتي لهذا مزيد بيان قريباً إن شاء الله تعالى.
* * * * *
والحاصل أنه قد اتضح من كل ما تقدم بما لا يدع مجالاً للشك أن الواجب على كل مؤمن بالله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يتمسَّك بكتاب الله العزيز وبالعترة النبوية الطاهرة ليسلك سبيل الهدى ، وينجو من سُبُل الغي والردى.
وهنا لا بد من بيان أمرين مهمّين :
الأمر الأول : أن النجاة من الضلال لا تتحقق إلا بالتمسك بكتاب الله وعترة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دون غيرهما ، وذلك لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان في مقام البيان ، ولو كان أمر ثالث في البين لنصَّ عليه.
فمَن زعم أنه متمسِّك بالصحابة أو التابعين أو أئمة المذاهب من غير أئمة أهل البيت عليهمالسلام وأنه صار بسبب ذلك على الهدى والحق ، فقد ردَّ على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله ، ونقض حُكمه ، كما هو واضح.
الأمر الثاني : أن الواجب هو التمسك بالثقلين معاً ، والتمسّك بأحدهما دون الأخر لا ينفع في الوصول إلى الحق ، وذلك لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد نصَّ في حديث الثقلين المتقدم باختلاف ألفاظه على أن التمسّك بهما معاً هو
__________________
(١) المصدر السابق ١٠ / ٥٥٣.