وقد يقول قائل : إن بعض الأحاديث الصحيحة دلّت على أن أولئك الخلفاء كلّهم يجتمع عليه الناس ، مع أن أئمة أهل البيت لم يجتمع عليهم أحد ، حتى أمير المؤمنين عليهالسلام اختلف الناس في زمانه ، فكيف يكونون هم الأئمة المعنيين في تلك الأحاديث؟
والجواب :
إذا كان المراد باجتماع الناس عليهم هو ما فهمه بعض علماء أهل السنة من الاتفاق على البيعة ، فهذا لا ينطبق على أي واحد ممن تولّوا أمر الناس ، حتى أبي بكر وعمر ، فإن أبا بكر تمَّت له البيعة في سقيفة بني ساعدة وأكثر المهاجرين كانوا غائبين عنها ، وهذا سيأتي بيانه في الحديث حول بيعة أبي بكر في الفصل الآتي ، وأما عمر فكانت خلافته بنص أبي بكر لا باجتماع الناس ، حتى قال بعضهم لأبي بكر : ما أنت قائل لربّك إذا سألك عن تولية عمر علينا وقد ترى غلظته ... (١)
وأما غيرهما ممن جاء بعدهما فقد بيَّنّا أنهم لم يجتمع عليهم الناس بهذا المعنى.
وعليه فإن كان المراد من اجتماع الناس هذا المعنى فهو لا ينطبق على أحد ، فيكون هذا الحديث باطلاً ، فحينئذ لا مناص من القول بأن المراد من اجتماع الناس في الحديث هو اجتماعهم على صلاح هؤلاء الخلفاء ، وحسن سيرتهم ، وطيب سريرتهم ، والاجتماع بهذا المعنى متحقق في أئمة أهل البيت عليهمالسلام دون غيرهم ، فهُم وحدهم الذين اتفق الشيعة وأهل السنة على اتّصافهم بذلك ، فيكون هذا المعنى هو المراد في الحديث ، لوجود مصاديق له دون المعنى الأول.
__________________
(١) الطبقات الكبرى ٣ / ١٩٩ ، تاريخ الخلفاء ، ص ٦٢ ، الصواعق المحرقة ١ / ٢٥٤.