واختلفوا في القنوت ، فذهب مالك إلى أن القنوت في صلاة الصبح مستحب. وذهب الشافعي إلى أنه سنة. وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يجوز القنوت في صلاة الصبح ، وأن القنوت إنما موضعه الوتر ، وقال قوم : بل يقنت في كل صلاة. وقال قوم : لا قنوت إلا في رمضان. وقال قوم : بل في النصف الأخير منه. وقال قوم : بل في النصف الأول منه (١).
هذا شيء مما ذكره في اختلافاتهم في أقوال الصلاة ، والاختلاف في أفعال الصلاة أكثر ، وما ذكرناه كاف في الدلالة على ما قلناه.
ومنه يتضح مدى ما وقع على الصلاة من جور التحريف والتبديل ، حتى ضاعت معالمها ، وتهدّمت أركانها ، وتغيّرت هيئتها. فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لقد ذكر علماء أهل السنة جملة كثيرة من البِدَع الأخرى التي أحدثها الخلفاء ، وهي كثيرة جداً وذكرها يخرجنا عن موضوع الكتاب ، وحيث أنا لا نريد البحث فيها ، فإنا نذكر جملة منها ، وللقارئ العزيز أن يراجع فيها المطوّلات. منها (٢) :
١ ـ أول من نقص التكبير معاوية ، كان إذا قال : ( سمع الله لمن حمده ) انحطّ إلى السجود ، ولم يكبّر. وقيل : زياد. ( ٩٤ ، ٩٥ ) ( ص ١٦٤ )
٢ ـ أول من ترك قنوت في الصبح معاوية. (٩٧)
٣ ـ أول من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات : عمر. (٢٤) ( ص ١١٣ )
__________________
(١) نقلنا مقتطفات من كلام ابن رشد في كتابه بداية المجتهد ، ص ١٢١ ـ ١٣٣.
(٢) نقلناه من كتاب ( الوسائل في مسامرة الأوائل ) للسيوطي ، وأدرجنا أرقام الكتاب بعد كل بند ذكرناه. ثم أدرجنا بعدها أرقام صفحات البند نفسه إن وجد من كتاب الأوائل للعسكري ، ط العلمية.