الخاتمة
هذا تمام ما أردنا بيانه في هذا الكتاب ، وألتمِسُ ممن ينظر في كتابي هذا أن يتأمّله تأمّل منصف طالب للحق راغب فيه ، وأن يتجرَّد عن تقديس الآراء الممقوتة والمعتقدات الموروثة ، وعبادة الأحبار والرهبان والسادة والكبراء ، وأن يعلم أن الحق أحق أن يُتَّبَع ، وأن كل امرئ مسؤول عن نجاة نفسه وأهله.
( قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) (١).
وهذا هو واجب النصيحة لكل مسلم يؤمن بالله ورسوله ويؤمن بيوم الحساب ، وهو مقتضى الأمانة في العلم ، التي ينبغي أداؤها لمن لا يعلم بها.
ثم ليعلم كل من اطّلع على كتابي هذا أنني ما أردت بشيء مما كتبته أن أُعيب طائفة معيَّنة ، أو أن أذم رجلاً من الناس ، أو أن أكشف عورة مستورة ، وإنما كانت الغاية بيان الحق الذي أمرنا الله تعالى ببيانه ، والجهر بالصدق الذي أمرنا الله بالجهر به ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ) (٢) ، وما بدر في ثنايا الكتاب مما لا يرتضيه بعضهم فهو مما اقتضاه البحث وقاد إليه الدليل.
ونحن بحمد الله ما افترينا على قوم فرية ، ولا اتّهمنا فئة بتهمة ، ولم نتَّخذ
__________________
(١) سورة الزمر ، الآية ١٥.
(٢) سورة الأنفال ، الآية ٤٢.