التنصيص على اسميهما (١).
عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل فلا يجدون أحداً أعلم من عالم المدينة (٢).
قالوا : المراد به مالك بن أنس.
وهذا الحديث وإن حسَّنه الترمذي ، إلا أنه لا دلالة فيه على أن عالم المدينة هو مالك بن أنس ، لأن المدينة ضمَّت رجالاً أفذاذاً قبل أحمد وفي زمانه وبعده ، وحسبك أن منهم : علي بن الحسين زين العابدين ، وابنه الإمام محمد ابن علي الباقر ، وابنه الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهمالسلام ، وغيرهم من العلماء البارزين ، ومالك لم يسبق هؤلاء ولا غيرهم في نسب ولا فضل ولا علم ولا غير ذلك ، بل نصَّ بعضهم على أن غيره أفضل منه (٣) ، فكيف يتعيَّن أن يكون هو عالم المدينة.
__________________
(١) الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ، ص ٤٥٥.
(٢) سنن الترمذي ٥ / ٤٧ ح ٢٦٨٠. مسند أحمد ١٥ / ١٣٥ ح ٧٩٦٧.
(٣) ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء ٨ / ١٥٦ عن الشافعي أنه قال : الليث أفقه من مالك ، ولكن الخطوة لمالك رحمهالله. وعن الشافعي : الليث أتبع للأثر من مالك. وفي تاريخ بغداد ٢ / ٢٩٨ عن أحمد بن حنبل قال : كان أبن أبي ذئب ثقة صدوقاً ، أفضل من مالك بن أنس. وفي ٢ / ١٧٥ عن يحيى بن صالح قال : محمد بن الحسن فيما يأخذه لنفسه أفقه من مالك. وفي ٩ / ١٦٤ عن علي بن المديني قال : سألت يحيى بن سعيد قلت له : أيما أحب إليك ، رأي مالك أو رأي سفيان؟ قال : سفيان لا يشك في هذا ... سفيان فوق مالك في كل شيء ، يعني في الحديث وفي الفقه وفي الزهد. وفي ٢ / ٣٠٢ أن شامياً سأل الإمام أحمد : من أعلم ، مالك أو أبن أبي ذئب؟ فقال : أبن أبي ذئب في هذا أكبر من مالك ، وأبن أبي ذئب اصلح في دينه وأورع ورعاً ، وأقوم بالحق من مالك عند السلاطين.