وعن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : … وستكون خلفاء فتكثر. قالوا : فما تأمرنا؟ قال : فوا ببيعة الأول فالأول (١).
قال النووي : في هذا الحديث معجزة ظاهرة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومعنى هذا الحديث : إذا بويع لخليفة بعد خليفة فبيعة الأول صحيحة يجب الوفاء بها ، وبيعة الثاني باطلة يحرم الوفاء بها ، وسواء عقدوا للثاني عالمين بعقد الأول [ أم ] جاهلين ، وسواء كانا في بلدين أو بلد ، أو أحدهما في بلد الإمام المنفصل والآخر في غيره ، هذا هو الصواب الذي عليه أصحابنا وجماهير العلماء ... واتفق العلماء على أنه لا يجوز أن يعقد لخليفتين في عصر واحد ، سواء اتسعت دار الإسلام أم لا (٢).
وقال البغدادي : وقالوا ـ أي أهل السنة ـ : لا تصح الإمامة إلا لواحد في جميع أرض الإسلام (٣).
ونصَّ على ذلك أيضاً ابن حزم (٤) والماوردي (٥) والتفتازاني (٦) وغيرهم.
وقوله : مات ميتة جاهلية : ميتة على وزن فِعْلة ، وهو اسم هيئة ، والمعنى : مات كميتة أهل الجاهلية.
قال النووي : أي على صفة موتهم من حيث هي فوضى لا إمام لهم (٧).
أقول : لعل تشبيه موت من ترك بيعة إمام الزمان بميتة أهل الجاهلية من حيث أن ترك تلك البيعة يستلزم ترك متابعة إمام الحق ، ويؤدي إلى متابعة أئمة
__________________
(١) صحيح مسلم ٣ / ١٤٧١ كتاب الإمارة ، باب ١٠ ح ٤٤.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ١٢ / ٢٣١.
(٣) الفرق بين الفرق ، ص ٣٥٠.
(٤) الفصل في الملل والأهواء والنحل ٤ / ١٥٠. المحلى ٨ / ٤٢٢.
(٥) الأحكام السلطانية ، ص ٣٧.
(٦) شرح المقاصد ٥ / ٢٣٣.
(٧) المصدر السابق ١٢ / ٢٣٨.