وهو أضعف من مرتبة الملك ، أو أول مرتبة من مراتبه المختلفة في الشدة والضعف.
وله طرفان : أحدهما ـ طرف النسبة والإضافة ، ويعبر عن المنسوب اليه بصاحب السلطنة ، وذي السلطان ، والآخر ـ طرف التعلق ، ويعبر عن متعلقة بالمسلط عليه.
وهو : قد يكون مستقلا بنفسه كحق التحجير ، وقد لا يكون مستقلا بنفسه ، بل متقوم بغيره كحق المجني عليه على الجاني ، وحق القصاص ، فهو كالملك الذي قد يكون متعلقة مستقلا ، وقد لا يكون كالكلي في الذمة وقد يتحدان في المورد ، وإنما يختلفان بالاعتبار كسلطنة الإنسان على نفسه ولذا قيل : «الإنسان أملك بنفسه من غيره». ومنه قوله تعالى ـ حكاية عن كليمه ـ (إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلّا نَفْسِي وَأَخِي) (١) فما به التعلق عين ما إليه الإضافة ، وانما يختلف بالاعتبار.
ومن فروع هذه السلطنة : تملكه للمباح الأصلي والعرضي بالحيازة ، الذي مرجعه الى حصول الربط بها بين الحائز والمحوز ، وإرجاع أمر المال الى نفسه ، وجعل نفسه في وثاق المال وبعهدته ، بحيث لو كان مما يجب عليه الإنفاق وكسوته وحفظه لاحترامه ، كان أولى به ، فتعلق المال بالمالك معنى له طرفان : الغنم ، والغرم ، وأولويته به ليس في خصوص النفع وكل ذلك من فعل نفسه بنفسه ، وليس إلا لسلطنته عليها ، ومنه يظهر للوجه في توقف نفوذ التمليكات المجانية كالهبة والوصية على قبول المتهب والموصى له ، لأن المالك لا سلطنة له على غيره حتى يدخل المال في ملكه قهرا عليه ، وإلّا لكان من الإيقاعات لا من العقود. نعم ، له التمليك
__________________
(١) وتمام الآية (قالَ : رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) سورة المائدة : آية ٢٥.