عن شراء أهل الخراج ، فكرهه ، وقال : إنما أرض الخراج للمسلمين فقال : إنه يشتريها الرجل وعليه خراجها؟ قال : لا بأس إلا أن يستحي من عيب ذلك» (١) بناء على أن الوجه في الاستحياء المستثنى هو التشبه بهم في إعطاء الجزية ، فتكون قرينة على إرادة أرض الذمة من أرض الخراج المسؤول عنه في صدر الخبر.
إلا أنها مع كون الثانية مضمرة موهونة بإعراض الأصحاب عنها ـ غير مكافئة لدليل المشهور : من الإجماع المعتضد بالشهرة العظيمة ، بل بدعوى غير واحد عدم الخلاف فيه إلا منه.
فلتحمل على ما لا ينافي ذلك من المحامل التي منها ـ إرادة الأراضي الخراجية والترخيص في شراء آثارهم فيها ، ومنها ـ الحمل على ما لو شرط عليه ذلك ، بناء على شمول أدلة الشروط له ـ ومنها ـ إرادة الإشارة بقوله : «إذا كان ذلك في الأولى» الى ظهور الحجة ـ عجل الله فرجه ـ دون البيع والشراء ـ كما حكاه عن الوافي في مفتاح الكرامة.
وفيه ـ أيضا ـ احتمال إرادة الاستحياء من الجائر بمطالبة الخراج دون التشبه بهم في الجزية. وإن كان فيهما بعد.
وعلى كل حال ، فالحق ما عليه المشهور : من انتقال الخراج إلى ذمة البائع ـ مطلقا ـ وإن كان المشتري من أهل الذمة ، إذ لا يجب عليه دفع الجزية عن الغير وتحمل جزيتين ، وإن كان هو من أهل الجزية. وإن كان في بعض العبارات تقييد ذلك بالمسلم ، والاستدلال عليه بأنه جزية ، وهي منتفية عنه ، إلا أن نظرهم في مقابل الحلبي المطلق ، لكونه على المشتري ، لأنه حق على الأرض ، فيجب على من انتقلت اليه. هذا ، ومثله في الانتقال إلى ذمة البائع في البيع : الانتقال إلى ذمة
__________________
(١) راجع ص ٢١٢ من هذا الكتاب.