ما يستحق الإحلاف فيكون مفاد الصلح عليه هو الاسقاط.
ومنها ـ حق الغيبة ، وسائر أنواع الإهانة لأخيه المؤمن مما يوجب إدخال النقص عليه فإنها تسقط بالاستحلال لو أسقط ، ولا ينقل ولا يورث. فالذي يتراءى ـ في بادئ النظر أن هذه الأفعال من الغيبة والشتم والإيذاء ونحو ذلك ، أسباب توجب حدوث حق جديد للمغتاب ونحوه.
ولكن في الحقيقة ليس الأمر كذلك ، بل هي متلفات للحق الثابت له بأصل الشرع ، فهي من تضييع الحق وإتلافه ، وليس عليه إلا ما ضيعه من الحق التالف.
توضيح ذلك : إن للمؤمن ـ أو المسلم ـ حقوقا على أخيه ، منها واجبة ومنها مندوبة. ومن الأول احترام عرضه ، فإنه حق له مستمر على أخيه المسلم واحترام ماله من احترام نفسه. ولذا من لا حرمة له في نفسه لا حرمة لماله ، كالحربي الذي يملك ماله ، ولذا كان مكلفا بالعبادات المالية كالخمس والزكاة ، وان لم يصح منه إلا بالإسلام ، غير أنه يجوز لنا مزاحمته في ماله ، لعدم احترامه. والمسلم ، وان كان ماله محترما ، إلا أن زمام احترام ماله بيده ، فله إسقاطه لعدم منافاته لاحترام نفسه ، ولا كذلك احترام عرضه ، فليس بيده زمامه حتى يسقط بإسقاطه. ولذا لا تحل غيبة من جعل الناس في حل من غيبته ، وحرمة عرضه مستلزمة لتحريم كل ما يلزم منه عدمها ، لأنها موجب لإتلاف حقه وتضييعه وعليه بدل التالف لاحق جديد ، ووجوب الاستحلال مع عدم المحذور ـ لو قلنا به ـ فإنما هو للتخلص عن ضمان البدل الأخروي من تحمل ذنوبه أو تحويل حسناته اليه ، كما ورد في بعض الأخبار ، وهو أمر آخر ، مع أنه يحتمل أن يكون ذلك كله أصلا وفرعا من الأحكام ، وان أطلق عليها لفظ الحق فتأمل.
ومنها ـ حق الشفعة الذي دل الإجماع ـ بقسميه ـ والسنة المستفيضة