والذي يظهر لي منها : أن الأرض : إن كانت مواتا ـ بالأصل أو بالعارض ـ ولم يعرف صاحبها ، جاز لكل أحد إحياؤها والاقدام على تعميرها ، فان عرف صاحبها دفع إليه الأجرة ـ مطلقا ـ أو إن كانت مملوكة بغير الإحياء ـ على الخلاف الآتي ـ وليس عليه غيرها وغير الصدقة شيء. وإن كان صاحبها معروفا أو كانت خراجية لا يجوز الاقدام عليه بالاحياء ، لكونه مالا مملوكا لا يجوز التصرف فيه إلا بإذن مالكه. نعم للإمام عليه السلام أو نائبه أخذها وتقبيلها ممن يعمرها بحصة منها وعليه دفع الأجرة إلى صاحبها ، لكونه أنفع للمسلمين ، وإحسانا محضا و (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) (١) وجمعا بين حق الملكية وإخراجها عن العطلة فإن ذلك ربما يكون من تضييع المال وإتلافه.
والمراد بكونها للمسلمين في الخبرين المتقدمين : كونها لهم إحياؤها وتعميرها ، وإن توقف على التقبيل من الامام عليه السلام أو نائبه أو نمائها دون رقبتها. وحينئذ فإن دفعها الامام لمن يعمرها بحصة مخصوصة دفع منها الأجرة إلى مالكها إن زادت عليها. وكان الزائد في بيت مال المسلمين لأنه ـ في الحقيقة ـ محيي لها بالولاية العامة وان دفعها لا بحصة مخصوصة كان على المعمر دفع ما يستحقه المالك من الأجرة إليه. ثم الأجرة المدفوعة للمالك أجرة الأرض قابلة للتعمير لا أجرتها معمورة حتى يستحق المالك حق القبالة كله لو كان التقبيل بحصة مخصوصة كالنصف والثلث ـ مثلا ـ ولذا قلنا : ما زاد على الأجرة من حق القبالة يجعل في بيت المال.
ومقتضى الجمع المذكور : عدم اختصاص جواز تقبيل الإمام بأرض من أسلم أهلها طوعا ، بل يعم كل أرض خربة مملوكة لم يعمرها صاحبها كما وقع التعبير بنحو الكلية المزبورة في كلام غير واحد من الفقهاء ، فراجع.
__________________
(١) سورة التوبة ـ ٩٢.