الانتفاع بها أصلا ـ إجماعا ـ فإن خربت ، فان كان انتقالها اليه بالقهر والغلبة كالمفتوح عنوة بالنسبة إلى المسلمين أو بالشراء أو العطية ونحوها ، لم يزل ملكه عنها ـ أيضا ـ إجماعا ، على ما نقله في (التذكرة) عن جميع أهل العلم ، وإن ملكها بالإحياء ثم تركها حتى عادت مواتا ، فعند المصنف ـ وقبله الشيخ وجماعة ـ أن الحكم كذلك ـ ثم استدل عليه بأدلة ـ الى أن قال ـ : وذهب جماعة ـ منهم العلامة في بعض فتاوى كتبه ، ومال إليه في التذكرة ـ إلى صحة إحيائها وكون الثاني أحق بها من الأول ، ثم استدل على هذا القول بأدلة ـ ثم قال بعدها ـ : وهذا القول قوي لدلالة الروايات الصحيحة عليه» انتهى (١).
وفيما حضرني من نسخ (التذكرة) ما هذا لفظه : «لو لم تكن الأرض التي في بلاد الإسلام معمورة في الحال ، ولكنها كانت قبل ذلك معمورة جرى عليها ملك مسلم ، فلا يخلو : إما أن يكون المالك معينا أو غير معين. فان كان معينا ، فاما أن ينتقل اليه بالشراء أو العطية وشبههما أو بالإحياء ، فإن ملكها بالشراء وشبهه لم تملك بالاحياء ، قال ابن عبد البر : أجمع العلماء على أن ما عرف بملك مالك غير منقطع أنه لا يجوز إحياؤه لأحد غير أربابه» انتهى.
وليس فيه دعوى عدم الخلاف ، كما حكاه عنه في الجواهر ، ولو سلم ذلك فليس بصريح في الإجماع ، وصريحه منقول عن ابن عبد البر ، ولا نعرفه ، ولعله من العامة. فإن تم في المقام إجماع ، وإلا فللمناقشة فيه مجال.
وأما الثاني وهو ما كانت مملوكة بالإحياء ، فاختلفت كلمات الأصحاب فيه على قولين بل أقوال. وصريح الروضة ، وظاهر المسالك ، وغيره ـ كما تقدم ـ حصر الخلاف بينهم في هذه الصورة. ولا أرى
__________________
(١) راجع هذا الموضوع ـ مفصلا ـ في أوائل كتاب إحياء الموات من المسالك.