لا تصلح إلا لنحو من التقلب لقصور في نفسها أو متعلقها ـ تسمى حقا ، كالإضافة الحاصلة للمرتهن بالنسبة إلى العين المرهونة والحاصلة للشفيع بالنسبة إلى حصة شريكه المبيعة في شركته ، فان المرتهن ليس له سوى استيفاء دينه من الرهن إذا لم يفه المديون. والشفيع ليس له من السلطنة إلا تملك ما اشتراه المشتري من الحصة بالثمن الذي اشتراه به. وكذا الإضافة الحاصلة لذي الخيار ، فإنه ـ بناء على تعلق حقه بما خرج عن ملكه الى ملك طرفه ـ ليس له الا التسلط على إعادته إلى ملكه بفسخ العقد.
وأما بناء على تعلق حقه بالعقد وتسلطه على فسخه وإقراره ، فالقصور في متعلق الإضافة.
ونظيره من هذه الجهة : حق التحجير على موات من الأرض وحق السبق الى مكان مباح أو وقف عام ، فان الموات لا يملك بالتحجير عليه ، والمباح والوقف لا يملكان بالسبق إليهما. وغاية ما يحصل لمن حجر أو سبق حق اختصاص فيما حجر عليه أو سبق اليه لا يجوز غصبه منه ومزاحمته عليه.
ثم ان المائز بين الحكم والحق : هو ان الحكم لا يسقط بالإسقاط إذ هو مجعول من الشارع المقدس على موضوعه ، فزمامه بيده ، وأمر وضعه ورفعه اليه بخلاف الحق ، فإن قوامه قابليته للإسقاط والعفو ممن جعل له وهو ـ وان كان كالحكم من حيث الجعل من الشارع الأقدس ـ إلا أن نحو الجعل مختلف ، فان الحق جعل لصاحبه بنحو يكون زمامه بيده ، فله الأخذ به ، وله العفو والإسقاط ، بخلاف الحكم فإنه مجعول من الشارع المقدس على موضوعه بنحو يكون رفعه بيد جاعله كوضعه.
وبالجملة : فان الحق سلطنة مجعول زمامها بيد ذي الحق فله القدرة على الإعمال والاسقاط.