فما ذكره سيدنا الخال ـ قدس سره ـ حيث يقول : «منها ـ أي من الحقوق ـ : ما لا يجوز عليه شيء من ذلك فلا يسقط بالإسقاط ولا ينقل بالنواقل ولا ينتقل بالإرث كحق الأبوة وولاية الحاكم ، وحق الاستمتاع بالزوجة وحق الجار على جاره والمؤمن على أخيه فإنها حقوق لأربابها لا تسقط ولا تنتقل بوجه من الوجوه» انتهى.
قابل للمناقشة ، إذ الحق الذي هو سلطنة ضعيفة على الشيء ومرتبة ناقصة من الملك بجميع اقسامه وأنحائه ، قابل وصالح للإسقاط بمقتضى طبعه ـ كما حكي ذلك عن شيخنا الشهيد ـ قدس سره ـ وجعل ذلك هو الضابط في الفرق بين الحكم والحق.
وما افاده سيدنا : من تنظير ما لا يسقط بالإسقاط بحق الأبوة وولاية الحاكم. الى آخر ما ذكره من الأمثلة.
غير واضح ، فإن جملة ما ذكر من الأمثلة ليس من الحق بالمعنى المصطلح الذي هو مرتبة ناقصة من مراتب الملك وانما هي من قبيل الأحكام.
فان ما مثل به من (حق الأبوة) إن كان مراده بحق الأبوة وجوب إطاعة الولد للأب وحرمة معصيته مما كان مستلزما لعقوقه وسخطه ، فإنه ليس من قبيل ما نحن فيه من الحق الذي هو بمعنى الملكية الضعيفة ، وانما هو حكم شرعي إلزامي على الولد بالنسبة إلى والديه ثبت بدليله الخاص ـ احتراما لهما وجزاء على إحسانهما اليه ، كما أنه لو كان المراد سلطنته على التصرف في مال ولده الصغير بما يحصل به حفظه عن التلف وما يرجع الى مصلحته من البيع أو الشراء له بما له ، ونحو ذلك ، فإنه ـ أيضا ـ من الحكم الشرعي الثابت بدليله للأب فيما يرجع الى مال الولد والترخيص في تصرفه فيه ونفوذه عليه ، وليس من الحق الاصطلاحي المذكور لمن له الحق مما يعود فيه نفع لذي الحق.