بالعقد المشتمل على الإيجاب والقبول ، فهيأة الماضي ـ مثلا ـ الواردة على مادة البيع والشراء ، وان دلت على تمليك العين بالعوض وتملكها به ، كالتعاطي بقصد الملك إلا أن إنشاء التمليك والتملك بالقول كما يدل على ما دل عليه الإنشاء بالفعل بالمطابقة وهو تمليك العين وتملكها بالعوض ، كذلك يدل بالدلالة الالتزامية العرفية على التعهد والالتزام من كل من المتعاقدين بهذا المدلول المطابقي ، والثبات عليه ما لم يكن في البين خيار مجعول له ، ومن هنا أطلق العقد على الإنشاء بالقول فإنه : العهد الموثق المحكم ، لما فيه من الأحكام.
ويشهد لذلك : أن المعاملات الخطيرة ذات الشأن إنما تنشأ ـ نوعا ـ بالعقود دون المعاطاة من جهة فقدان المعاطاة لما كان العقد واجدا له من الالتزام والإحكام. وآية (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).(١) إنما تمضي وتلزم بالوفاء بالعقود باعتبار وجود المدلول الالتزامي فيها ، وهو التزام كل من المتعاقدين لصاحبه بالثبات والبقاء على ما يقتضيه العقد من التمليك والتملك بالعوض.
ودليل الخيار المجعول بأسبابه وموارده ـ ومنها اشتراط ذلك في ضمن العقد ـ يكون مخصصا لعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).
وحقيقة الخيار نظرة ومهلة لمن هو له فيما التزمه لطرفه بإنشاء العقد من الثبات عليه والالتزام بمقتضاه ، وسلطنة له على نقضه وحله أو إقراره وإبرامه ، وهو ـ بهذا المعنى ـ حق بالمعنى الأخص لمن هو له.
وهل هو متعلق بالعقد من حيث أنه يملك فسخه وإقراره ، أو أن متعلقة العين الخارجة من ملكه الى طرفه من حيث أن ذا الخيار يملك إعادتها إلى نفسه بفسخ العقد؟ وجهان : ـ بل قولان ـ وعليهما يبتني جواز تصرف من
__________________
(١) سورة المائدة : ١.