بالعوض ، وأولى بذلك ما لو جعل العوض نفس الحق لينتقل منه إليه في قبال ما انتقل منه اليه من العين.
هذا ، ولكنا نقول : إن حقيقة البيع ليس مطلق تمليك العين بعوض من المشتري ، ولو كان من قبيل إسقاط حق ينتفع به البائع ، بل ولا تبديل إضافة بإضافة أخرى ولو لم تكن من سنخ إضافة البائع ، بل حقيقته ـ لغة ـ والمتبادر منه عرفا ـ : إنشاء تبديل عين هي طرف لإضافة مالكية بطرف إضافة مثلها لآخر في ظرف قبوله ذلك.
توضيح ذلك : إن الملكية التي هي جدة اعتبارية وعلقة واضافة بين المالك والمملوك لها طرفان : طرف يرتبط ويتعلق بالمالك ، وآخر بالمملوك فحقيقة الإرث انحلال الإضافة والعلقة من طرفها المتعلق بالمالك وارتباطها بالوارث مع بقاء التعلق من طرفها الآخر المتعلق بالمملوك على ما كان عليه ، فان الوارث يقوم مقام المورث ويأخذ بزمام ما كان المورث آخذا به.
وأما البيع ، فحقيقته : حل طرف علقة المالك للمثمن وإضافته من جانب مملوكه وربطها بطرف إضافة المشتري ، وحل إضافة مالك الثمن من ذلك الجانب أيضا ، وربطها بمكان علقة المالك للمثمن المحلولة.
وأما الإضافتان ـ من حيث اتصاف كل منهما بكونها مالكية ـ فلم يطرأ عليهما تغيير وتبديل ، وانما التغيير والتبديل في المملوكية ، فالبايع إذا كان أصيلا قبل البيع ، كان مملوكه المثمن ، وبعد البيع يملك الثمن ، والمشتري بالعكس. وفيما إذا كان وكيلا أو وليا ، فموكله ـ أو المولى عليه ـ يكون كذلك.
ومن هنا نقول ـ على ما هو التحقيق ـ : لا بد في إنشاء البيع أن يكون البائع ـ أصيلا كان أم وكيلا أم وليا أم فضوليا ـ قاصدا دخول