مع كون المال مضمونا عليه بالتعدي (١).
__________________
(١) الكلام في المسألة فيما إذا كان رأس المال في المضاربة بمقدار يعجز العامل عن التجارة به ، وكان قادرا على التجارة ببعضه مع اشتراط المالك مباشرته في العمل بلا استعانة بالغير ، أو كان عاجزا ولو مع الاستعانة بالغير ، والمسألة من ناحية صحة المضاربة وعدم صحتها ذات قولين ، والأظهر فسادها كما اختاره جماعة من أصحابنا ، حيث انه يشترط في العامل في باب القراض أن يكون قادرا على العمل بمال القراض فمع عجزه لا تصح مضاربته ، كما لا يصح استيجاره على العمل إذا كان عاجزا عنه ، وعليه فيكون ربح ما اتجر به من بعض المال للمالك ، ولا نصيب للعامل فيه.
نعم له أجرة مثل عمله مع جهله بالبطلان بلا ريب.
اما مع علمه به (ففي) استحقاقه اجرة على عمله الذي استوفاه المالك منه بمضاربته مع عدم تبرعه به ، بل كان بذله بإزاء الحصة من الربح التي تعهد بها المالك له على تقدير الحصول ، وقد حصل ، غايته أنه لا يستحقها ـ شرعا ـ لفساد المضاربة بفقد شرطها ، وهو قدرة العامل على العمل بمجموع مال المضاربة ، وذلك لا يقتضي التبرع بالعمل ، فمقتضى قاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» استحقاقه اجرة المثل على عمله (أو عدم) الاستحقاق ، لأنه مع علمه بفساد المضاربة لعدم قدرته على العمل بمال القراض. وعدم استحقاق ما جعله المالك له من الربح شرعا ـ يكون كالمتبرع بعمله ، واقدامه على بذله مجانا :
وجهان : لا يبعد أن يكون أولهما أوجه ، إذ لا يلزم من علمه بفساد المضاربة ، وعدم استحقاقه الربح شرعا كونه متبرعا بعمله ، فإنه لم يبذل للمالك بنحو (المجان) بل بإزاء الحصة من الربح المجعولة له في العقد ، فعمله مضمون على المالك المستوفي له بمضاربته ، وفسادها ـ شرعا