هذا حديث يصح » (١).
كما أنّ دلالة الحديث لا تشمل « لما صار دينا في العقد ، بل المراد منه ما كان ديناً قبله ، والمسلَم فيه ( أو المورَّد ) من الأول لا الثاني الذي هو كبيع ماله في ذمة زيد بمال آخر في ذمة عمرو ونحوه ممّا كان ديناً قبل العقد » (٢).
وأمّا الإجماع فهو مدركي ، بمعنى أنّ إجماع العلماء على الحكم مدركه الرواية المروية عن الرسول صلىاللهعليهوآله فلا اعتبار لهذا الإجماع ، وإنّما الاعتبار بالرواية ، وبما أنّ الرواية لم يذكر لها العلماء معنىً واحداً متفقاً عليه ، والقدر المتيقن منها ما كان ديناً قبل العقد ، أمّا ما صار ديناً بالعقد فلا تشمله الرواية ، وقد ذهب بعضٌ ( السبكي ) إلى أنَّ المجمع على تحريمه هو البيع المؤجل البدل الواحد ( السلم أو النسيئة ) إذا زيد في أجله لقاء الزيادة في بدله (٣).
وأمّا الربا في بيع الدين بالدين فهو لا يدخل في الصورة التي نحن بصددها ، لاننا نتكلم عن مبادلة سلعة بنقد ، فالبدلان مختلفان.
وأما شغل الذمتين من غير فائدة فهو مصادرة ، إذ الفائدة في هذه الصورة ـ كما قدمنا ـ كبرى للطرفين.
إذن إذا بطلت كل الأدلة على عدم جواز هذه المعاملة يبقى عندنا عمومات القرآن الكريم مثل قوله تعالى : ( أوفوا بالعقود ) و ( تجارة عن تراض ) و ( أحل الله البيع ) ، فما دام يصدق على هذه المعاملة انها عقد وتجارة وبيع فتشملها العمومات المتقدّمة وهي دليل الصحة.
__________________
(١) راجع نيل الأوطار : ج ٥ ، ص ١٧٧.
(٢) راجع جواهر الكلام : ج ٢٤ ، ص ٢٩٣.
(٣) راجع مقالة الدكتور رفيق المصري ، مناقصات العقود الادارية : ص ٣١ عن تكملة المجموع للسبكي : ج ١٠ ، ص ١٠٦ ، واعلام الموقعين : ج ٢ ، ص ٩ و ١١ وغيرها.