الكمية الهائلة من الثمن لتقدّمه إلى الدولة المصدّرة. وكذا الأمر في الدولة المحتاجة إلى تأمين غذاء جيشها في حالة الحرب لمدة ستة أشهر ، فهي ليست بحاجة إلى الخبز الكثير مرة واحدة ، بل تحتاج إلى قسم منه كل يوم ، وليس لديها المال الكافي لتقديمه مرة واحدة ، بل يقدم الثمن على اقساط تشابه أقساط استلام الخبز مثلاً. وهكذا صار عقد التوريد حاجةً ماسّةً في هذا العالم.
وقد يجاب على التساؤل المتقدّم فيقال : إنّ المانع من صحة عقد التوريد هو صدق بيع الدَيْن بالدين ـ الكالي بالكالي ـ عليه ، وقد ورد النهي عن بيع الدين بالدين كما روى ذلك طلحة بن زيد عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : « قال رسول صلىاللهعليهوآله : لا يباع الدين بالدين » (١).
وقد ذكرت أدلّة اُخرى لمنع هذه المعاملة ، هي :
أ ـ الإجماع على عدم جواز المعاملة إذا كانت نسيئة من الطرفين.
ب ـ ولأنّها من ابواب الربا.
ج ـ ولأنّها شغل لذمتين ( ذمة البائع وذمة المشتري ) من غير فائدة (٢).
والجواب : أمّا الحديث الذي نقل عن رسول الله صلىاللهعليهوآله في النهي عن بيع الدين بالدين فهو لم يصح سنداً من طريق الامامية ؛ لجهالة طلحة بن زيد في كتب الرجال (٣).
وأمّا من طرق غيرهم فأيضاً لم يصح السند ، كما قال الإمام أحمد : « ليس في
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١٣ ، ب ١٥ من الدين والقرض ، ح ١.
(٢) راجع بحث مناقصات العقود الادارية ، د. رفيق المصري عن أحكام القرآن للجصاص : ج ١ ، ص ٤٨٣. ونظرية العقد : ص ٢٣٥ ، واعلام الموقعين : ج ١ ، ص ٤٠٠ ، وحاشية الشرقاوي : ج ٢ ، ص ٣٠ وغيرها.
(٣) وقد ذكر كتاب المجروحين ج ١ في ترجمة طلحة بن زيد « أنّه منكر الحديث جداً ، يروي عن الثقات المقلوبات ، لا يحلّ الاحتجاج بحديثه ».