عند انخفاض التورم ، وحيث يكيّف هذا الوجه الزيادة عند شدة التورم فقط ، وذلك : لأنّ المستلم للنقد مسؤول عن كميته وعن قوته الشرائية التي فيه معاً ، فإذا انخفظت القوة الشرائية كان عيه ارجاع مقدار أكبر ، حفاظاً على القوة الشرائية التي هو مسؤول عنها ، وإذا ارتفعت القوة الشرائية كان عليه ارجاع نفس الكمية حفاظاً على الكمية.
ويرد على هذا الوجه :
١ ـ لا تعتبر القوة الشرائية من صفات المثل التي يجب الاحتفاظ بها من قبل الطرف الآخر في ما أخذه من النقد. وسوف نوضح هذا الأمر أكثر فيما يأتي.
٢ ـ إنَّ اختلاف القوة الشرائية في النقد الذهبي والفضي كان أمراً مبتلى به في زمن الرسول صلىاللهعليهوآله والأئمة عليهمالسلام بسب تعرضهما للصعود والنزول ، ولم يرد أثر شرعي يشير الى أنَّ القوة الشرائية ينبغي أن ترجع فيما إذا انخفظت بالاضافة الى ارجاع نفس العين ، بل لم يكن يؤثر هذا في تحريم الزيادة عند الردّ واعتبارها رباً محرّماً لشمولها لقوله تعالى : ( وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون ) ، فكيف يقال بضمان القيمة الشرائية للنقد الورقي الاعتباري ؟!
ثم أنَّ تكييف ضمان القيمة الشرائية إذا تنزل النقد الورقي كان مبتنياً على أنَّ القوة الشرائية من أوصاف المثل ، فلابدّ لنا من تحقيق في معرفة اوصاف المثل التي تضمن وتفريقها عن الاوصاف التي لا تضمن ، فنقول :
إن الشارع المقدّس لم يرد منه نص على تحديد مثلية المثل ، فلابدّ من الرجوع إلى النظر العرفي ، والعرف يرى أنَّ الاوصاف الدخيلة في مثلية المثل وتكون مضمونة إذا زالت هي الاوصاف الذاتية ، ونقصد بها الاوصاف التي تكون ثابتة للشي ومطلوبة بحدِّ ذاتها بغضّ النظر عن نسبتها الى حاجة الإنسان أو سائر الأموال ، كالطعم في البطيخ واللون في القماش ، والسُمك في الثوب لوقايته من البرد ، وخواص الدواء المؤثرة في الشفاء ، وكمية الخبز المؤثرة في الشبع.