أمّا إذا كانت الماكنة المعدّة للذبح تذبح أعداداً كبيرة بالتدريج ، فلا يكفي للحِلِّ تسمية واحدة ، لأنّه لا يصدق عليها حين الذبح أنّها ممّا ذكر اسم الله عليها. نعم ، يصدق عليها ذكر اسم الله تعالى قبل الذبح ، وهو غير كاف في حلّية الذبيحة ، وحينئذ لابدّ من تكرار الذابح للتسمية على كل ذبيحة حين الشروع في ذبحها.
وأمّا الإشكال الثالث ـ وهو عدم تحقّق الاستقبال للقبلة في الذبيحة حين ذبحها ـ فجوابه : إمّا بناءً على اشتراط الاستقبال ( كما ذهب إليه الإمامية وبعض من غيرهم كما تقدّم ) فيكفي فيه أنّ تكون مقاديم الذبيحة حين الذبح أو يكون منحرها مواجهاً للقبلة ، فإنّه يصدق عليه أنّه ذبح لجهة القبلة. وإمّا أن يكون مضجع الذبيحة حين الذبح على شمالها أو يمينها فهذا ليس عليه أي دليل.
وعلى هذا فيكفي في صدق استقبال القبلة بالذبيحة أن يكون الذبح بشكل عمودي على أن توجّه المقاديم أو المنحر إلى القبلة.
وإمّا بناء على عدم اشتراط الاستقبال في حليّة الذبيحة ، بل هو سنّة باعتبار أنّ جهة القبلة أفضل الجهات ، فلا إشكال في أصل عدم استقبال الذبيحة القبلة أيضاً.
وأمّا الإشكال الرابع ـ وهو أنّ الذبح بالماكنة يكون بغير الحديد من الفلزات الاُخرى ، وقد ورد أنّ الذبح لا يكون إلاّ بالحديد ـ فجوابه ما تقدّم من أنّ المراد بالحديد هو الحادّ في مقابل الذبح بشيء ليس بحادّ ، كالقصبة أو الحجارة أو غيرهما ممّا لا يكون حاداً في ذلك الزمان ، ولذا نجد الروايات ـ والفقهاء تبعاً لها ـ قد جعلت الحديد في مقابل الزجاج والحجر والقصب ، ولم تجعله في مقابل بقية الفلزات ، حتى يفهم من الفلز الخاص المعروف (١).
__________________
(١) راجع عبارة المبسوط : ج ٦ ، ص ٢٦٣ ، وموسوعة الينابيع الفقهية : ج ٢١ ، ص ٩٨ ـ ٢٩٠ من كتاب المهذب والغنية والوسيلة والشرائع والمختصر النافع والجامع للشرائع والقواعد واللمعة وغيرها.