وأمّا بناءً على ما ذهب إليه مشهور علماء الإمامية فلا يرتفع الاشكال إلاّ بأنّ تكون الآلة الذابحة من جنس الحديد ( الفلز الخاص ) ، فإذا حصل هذا فلا اشكال من ناحية الذبح بالآلة عند الفريقين.
وأمّا الإشكال الخامس ـ وهو أنّ الذبح بالماكنة يؤدّي إلى قطع الرأس عمداً وقد نهي عنه ، فتكون الذبيحة محرّمة ـ فجوابه : أنّ النهي الوارد في إبانة الرأس عمداً في صحيحة محمد بن مسلم (١) عن الإمام الباقر عليهالسلام إذ قال : « لا تقطع الرقبة بعدما تذبح » قد اختلف الفقهاء في افادته للحرمة ، فذهب جمع إلى الكراهة ، وذهب بعض إلى الحرمة.
ولكنّ الصحيح على كلا التقديرين عدم حرمة الذبيحة بهذا الفعل. فقد ذكر الشهيد الثاني في الروضة البهية فقال : « ويكره إبانة الرأس عمداً حالة الذبح ، للنهي عنه في صحيحة محمد بن مسلم عن الإمام الباقر عليهالسلام : « لا تنخع ولا تقطع الرقبة بعدما تذبح » وقيل ـ والقائل الشيخ في النهاية وجماعة ـ بالتحريم لاقتضاء النهي له مع صحّة الخبر وهو الأقوى. وعليه هل تحرم الذبيحة ؟
قيل : نعم ، لأنّ الزائد عن قطع الاعضاء يخرجه عن كونه ذبحاً شرعياً فلا يكون مبيحاً ، ويضعّف بأنّ المعتبر في الذبح قد حصل ، فلا اعتبار بالزائد ، وقد روى الحلبي في الصحيح عن الإمام الصادق عليهالسلام حيث سئل عن ذبح طير قطع رأسه أيؤكل منه ؟ قال : « نعم ، لكن لا يتعمّد قطع رأسه » وهو نصّ ، ولعموم قوله تعالى : ( فكلوا ممّا ذكر اسم الله عليه ) فالمتجه تحريم الفعل دون الذبيحة (٢).
وقد ذهب مشهور أهل السُنَّة إلى حلّية الذبيحة بهذا الفعل ، فقد ذكر في
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١٦ ، ب ١٥ من الذباحة ، ح ٢.
(٢) الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية : ج ٧ ، ص ٢٣٤ ، جواهر الكلام : ج ٣٦ ، ص ١٢٠ ـ ١٢٣.