والنخاع. أمّا إذا كان المقلوع من الجسم غير الأعضاء ( كالجلد مثلاً ) الذي هوقابل للتجديد في الإنسان وكالدم فهو جائز بلا كلام ؛ لعدم عدّ ذلك نقصاً في جسم الإنسان بحيث يشمله حديث « لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ».
وقد يقال في ردّ دليل « لا ضرر » : إنّ لا ضرر لا يشمل صورة اضرار الإنسان لنفسه ، وإنّما يقتصر على منع الضرر الذي يتوجّه إلى الغير من قبل الأخرين (١).
وقد يقال بعدم وجود الضرر كما في مثال العقم ، فعلى هذا المنبى هل يوجد دليل يحرم هذه الأعمال في صورة الاختيار ؟
نقول : إنّ أهم دليل يمكن أن يُستدل به للحرمة هو الآية القرآنية الواردة على لسان الشيطان ، وقد نقلها القرآن الكريم ولم يردّها ، فهي مقبولة عند الله تعالى وهي ( ولأضلنّهم ولاُمنينّهم ولآمرنّهم فليبتكنّ آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيّرن خلق الله ومن يتّخذ الشيطان وليّاً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً ) (٢).
فقد يقال : اننا نفهم من هذه الآية أن تغيير خلق الله تعالى من عمل الشيطان
__________________
(١) هناك مبنى يقول : إن ضرر الإنسان بالغير قد منعه الشارع وفقاً لقانون ارتكازي عرفي يمنع اضرار الإنسان بغيره ، وهذا القانون مستمد من عدم جواز اضرار الإنسان بنفسه الذي هو ارتكازي ايضاً ، ولذا ورد في الحديث « الجار كالنفس غير مضار » فقد افترض أن الإنسان لا يضر نفسه ، فكذا لا يجوز له اضرار جاره كنفسه.
ولكن لنا أن نقول : إنّ الحديث وارد في القضايا الأخلاقية لا الشرعية ؛ حيث إنّ إقدام الإنسان على ضرر نفسه في المعاملات والأعمال جائز بلا كلام كما في اقدامه على الشراء الغبني مع علمه به ووقوفه تحت الشمس ساعات طويلة لأجل تحصيل رزق يومه مع امكانه صنع مضلة له ، وأمثال ذلك ، على أنّ ارتكازية حرمة الضرر بالغير عرفاً ممنوعة ، فإنّ الشارع أراد بتأسيسه الحرمة إيجاد المجتمع الإسلامي الصالح ، فشرع حرمة الاضرار بالغير ، كما هو واضح لمن اطلع على حكاية سمرة بن جندب وجذع النخلة.
(٢) النساء : ١١٩.