الحرمة هنا احترامية ، بل يفهم أنَّ كل ما كان خلاف الاحتشام والوقار والاحترام يكون محرَّماً ، كما في كشف المرأة عورتها أمام المماثل بلا داع عقلائي ، أمّا إذا جاء الداعي العقلائي فلا يكون كشف العورة أمام المماثل محرّماً ؛ لأنّه لا يكون خلاف الاحترام والوقار. ويؤيده أن سعد بن معاذ لمّا حكم على قريضة « كان يكشف عورات المراهقين ، ومن انبت منهم قُتِل ، ومن لم ينبت جُعل في الذراري (١) مع إمكان معرفة البلوغ بغير الكشف.
وعلى هذا فلا يشمل اطلاق التحريم حالة العقم التي فيها هدف عقلائي ، بمعنى أن موضوع الحكم قد انتفى إذا وجد الهدف العقلائي لكشف العورة ، وهذا هو معنى : أنَّ العرف والارتكاز العقلائي لا يرى أن كشف العورة ـ أمام المماثل إذا كان هناك هدف عقلائي ـ خلاف الاحترام والاحتشام ، بنكتة الحكم والموضوع.
نعم ، إذا كان كشف العورة ـ حتى في صورة وجود الهدف العقلائي ـ خلاف الاحتشام فتشمله أدلّة الحرمة ، ولكنّ هذا غير صحيح عرفاً.
وأمّا بالنسبة لقطع كلية المرأة من قبل امرأة مماثلة فلا إشكال فيها من ناحية حرمة النظر ، كما هو واضح.
وأمّا بالنسبة للقسم الثاني ـ المعالجة عند الاختلاف ـ فإنّ الإشكال يتركّز في حرمة النظر إلى عورة المرأة أو جسمها لأجل عملية العقم الدائم من قبل الرجل ، في صورة وجود المرأة الطبيبة أو عدم وجودها ؛ لأنّنا نبحث في صورة كون تنقيص العضو أو العقم الدائم ليس بواجب ، ولكنّه ذو فائدة عقلائية للفرد ، فهل هناك طريق لتجويز هذا النظر المحرّم بالأصل ؟
الجواب : لا طريق لذلك إلاّ في حالة انطباق عنوان الضرورة من عدم وجود الطبيبة ، أو كان الطبيب الموجود لا يفيد لهذا الأمر ، وذلك لوجود الروايات المانعة
__________________
(١) سنن البيهقي : ج ٦ ، ص ٥٨.