لأنّ في هذه الحالة يوجد نهي شرعي عن الاقدام على التطبيب ، فإذا خالف الطبيب النهي الشرعي يأتي الضمان المستند إلى اتلافه عرفاً وتأتي الحرمة ، لكن الضمان هنا بشرط جهل المريض بقصور الطبيب ، ولا يفرق هنا بين حالة الطوارئ وعدمها في الضمان والحرمة.
نعم ، إذا أذن المريض للطبيب الجاهل القاصر في عمله مع علم المريض بجهله وقصوره يسقط الضمان هنا ، إذ ينسب تلف النفس أو العضو الى نفس المريض ، وهو أقوى من المباشر ، ولكن تبقى الحرمة على الطبيب فيستحق العقوبة من قبل ولي الأمر وفي الآخرة حيث خالف النهي الشرعي عن مزاولة العمل.
الحالة الثانية : وقد يكون الطبيب حاذقاً ، لكنه عالج طفلا أو مجنوناً بغير إذن الولي وكانت الحالة غير محسوبة من الطوارئ الذي يسقط فيها الإذن ، فهذا الطبيب حتى لو لم يكن قاصراً يكون ضامناً لما يحدث من ضرر على هذا الطفل أو المجنون ؛ وذلك لأنّ الولاية لما لم تكن موجودة للطبيب ، ولم يأت الإذن من الولي فيكون تصرف الطبيب فيما لم يكن له التصرف تعدّياً ، وقد تولّد التلف من هذا التعدي ، فهو ضامن لقاعدة الضمان على كل متلف ، وكذا الحكم لو عالج الطبيب مملوكاً بدون إذن مالكه أو مع ممانعته.
ولا داعي للتنبيه على عقوبة هذا الطبيب ، سواء أصاب في عمله أو أخطأ ، لأنّه غير مأذون في العمل شرعاً ، إلاّ في حالات الطوارئ فإنّ الطبيب إذا كان حاذقاً فهو مأذون شرعاً في المعالجة وإن لم يكن إذن من المريض أو وليه ، فإن حصل في هذه الحالة تلف من دون تعدٍّ أو تفريط فهو غير ضامن أيضاً ، وطبعاً أنّ الذي يقرر أنّ هذا التلف هو بتعدٍّ أو تفريط أو ليس كذلك هو لجنة من الأطباء.