الحالة السادسة : وقد يكون الطبيب عارفاً ، وقد اُذِنَ له في العلاج من قبل المريض أو وليه ولم يقصّر في علاجه ، وقد أخذ الابراء من التلف قبل العلاج فهل يضمن الطبيب ؟ هنا خلاف على قولين :
الأول : القول بالبراءة من الضمان عند التلف ، ونسب هذا إلى المشهور لرواية السكوني عن الإمام الصادق عليهالسلام المتقدّمة ، قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه ، وإلاّ فهو ضامن ».
وهذه الرواية تشير إلى أن عدم الضمان هو من أجل البراءة الذي يوجب سقوط الفعل عن اقتضاء الدية ، وليس معناه اسقاط الدية ليقال : إنّه إسقاط ما لم يجب. فالنتيجة عدم ثبوت الدية في صورة أخذ البراءة ، وثبوتها في صورة عدم أخذ البراءة لأنّ القتل أو التلف مستند إليه ، والإذن هو في الفعل لا في التلف أو القتل ، فلا موجب لسقوط الضمان.
ثمّ إنّ هناك دليلا آخر على عدم الضمان في هذه الحالة ، وهو : أنّ العلاج ممّا تمسّ الحاجة إليه ، فلو لم يشرع الابراء تعذر العلاج ، وإذا شرع الابراء فلا ضمان. مضافاً إلى شمول المعتبرة القائلة : « المسلمون عن شروطهم » لما نحن فيه ، حيث إنّ الطبيب قد اشترط عدم ضمانه إذا حصل التلف.
الثاني : هناك قول ضعيف بعدم براءة الطبيب من الضمان حتى إذا تبرّأ منه ، وذلك لأنّه اسقاط للحقّ قبل ثبوته. وهذا القول باطل ؛ لما تقدّم في القول الأول من أنّ البراءة من الضمان ليس معناه إسقاط الدية حتى يقال : إنّه اسقاط لما لم يجب ، بل معناه أنّ فعل الطبيب يسقط عن اقتضائه للدية.
الحالة السابعة : وقد لا يتولّى الطبيب العلاج بنفسه ، بل يقول : أظنّ أنّ هذا الدواء نافع لهذا الداء ، أو يقول : لو كنت أنا لفلعت كذا ، ونحو ذلك ممّا لم تكن فيه مباشرة منه ، وقد فعل المريض العاقل المختار أو وليه ذلك اعتماداً على القول