خصوص ما في الذمّة ، فلا فرق بين الواجب والندب ، نظير ما ذكروه في الأغسال.
فإن قلت : إنّ مراده القصد إليهما جميعاً ، يعني ينوي اعتكافاً مندوباً لازمه وجوب ثالثه قسراً ؛ لتحصيل الواجب الّذي في ذمّته أيضاً ، وأشار إلى ذلك ، بقوله : «والواجب يحصل مع الندب» يعني : يحصل اليوم الّذي في ذمّته مع الندب ، يعني مع مجموع الاعتكاف المندوب ، لا خصوص اليومين الأوّلين.
أو يعني : أنّه ينوي اليومين مندوبين ، والواجب يحصل مع الندب ، يعني مقدّمة الواجب الّتي هي واجبة تحصل مع الندب ، والتعليل بقوله : «لأنّ الشرط تحقق الثلاثة» يجري على الوجهين.
قلت : يرد عليه حينئذٍ مضافاً إلى ما سبق من لزوم اجتماع المتنافيين ، أنّ هذا خلاف مقتضى كلامه ظاهراً ، فإن الظاهر من قوله : «جاز أن ينوي بهما الوجوب من باب المقدّمة» عدم نية الندب ، ومن قوله : «أن ينوي بهما الندب» عدم نيّة الوجوب ، مع أنّ قصد الندب مع كون المفروض أنّه في صدد الإتيان بما في ذمّته لا ينفكّ عن قصد وجوب المقدّمة أيضاً.
أمّا على الوجه الأوّل أعني القصد إلى اعتكاف مندوب بالأصالة فلأنّه إنّما قصده لأنّه مستلزم لوجوب ثالثه قسراً ، حتّى يصير قائماً مقام ما في ذمته ، فالقصد إلى جملة الاعتكاف حينئذٍ مقدّمة للواجب أيضاً.
أمّا على الوجه الثاني ؛ فلو فرض صحّة مثل هذا القصد ، فالأمر أظهر ، ولكن فرض صحته ممنوع.
فقد تحقق بما ذكرنا : أنّ غاية ما يمكن أن يقال : إنّ مراده أنّ المكلف يجب عليه إبراء ذمّته عن اليوم الواجب عليه ، وهو يحصل إما بإتيان نفس الواجب ، أو بإتيان ما هو مسقط عن الواجب ، فجواز نية الوجوب ونية الندب المذكورين في كلامه ناظران إلى الاحتمالين : الأوّل إلى الأوّل ، والثاني إلى الثاني.
فيخدشه بعد ما تقدّم من الأبحاث أنّ قصد الندب على الوجه المذكور أحد فردي