الواجب التخييري من المقدّمة ؛ ليحصل أحد فردي الواجب وهو تحصيل المسقط ، فيكون الإتيان بمجموعه واجباً ، فكيف يكتفي بنية الندب لمعظم أجزائه ، وهو صوم اليومين الأوّلين؟! فتأمل جيداً.
قوله : لكن يبقى فيه إشكال ، وهو أنّ اعتكاف اليومين المندوبين ، إلى أخره.
أقول : كأنّه تفطن لبعض ما أوردنا عليه ، وأورد الإشكال ، وهو حسن بعد فرض تصحيح قصد الندب ، وإلا فأصل الفرض غير صحيح ، إلا على الوجه الذي ذكرنا أوّلاً ، من كون مقصود المكلّف هو إتيان اعتكاف مندوب برأسه ، من دون أن يخطر بباله الامتثال بما في ذمته ، ثمّ أراد أن يحسب الثالث منه عمّا في ذمّته ، وقد عرفت ما فيه.
قوله : ولو نوى بالأوّل الندب وجعل ما في ذمته وسطاً زال الإشكال.
أقول : لا يزول الإشكال بذلك أيضاً ؛ لأنّ الثالث حينئذٍ أيضاً واجب من حيث إنّه ثالث الثلاثة ، ومن حيث كونه مقدّمة للإتيان بما في ذمّته ، وكذلك يجيء الإشكال في الأوّل أيضاً ؛ إذ الإتيان بالمندوب وبمقدمة الواجب أيضاً سببان مختلفان.
ويمكن أن يقال : إنّ امتناع تداخل المسببات إنّما هو إذا لم يكن دليل على التّداخل ، والدّليل هنا موجود ؛ لأنّ أمره بالإتيان بالواجب الموقوف على مقدّمة ، وهي إتيان يومين آخرين مستلزمين لوجوب الثالث قسراً بدليل آخر يستلزم الرخصة في الاكتفاء بسبب واحد عن مسبّبين اختلف سببهما بالنظر إلى ملاحظة الحيثيّتين ، فيزول الإشكال في صورة تقديم المندوبين أيضاً.
ومن صور اجتماع الواجبين : جعل متعلّق النذر أمراً واجباً ، فإنّه يصحّ على الأقوى.
وتظهر الثمرة في لزوم الكفّارة إذا تركه من حيث النذر.
ومن فروعه : وجوب الثالث في الاعتكاف الواجب بعد مضيّ يومين ، كما أشار إليه في الروضة حيث قال : ويجب الاعتكاف بمضي يومين ولو مندوبين (١) ، كما أشرنا
__________________
(١) الروضة ٢ : ١٥٣.