وهذا لم يكن مستحقا لهذا العقاب الصارم ولا ما هو أقل ... ولم يظهر منه ما يستدعي. اتخذوا الفرصة للوقيعة به وبغيره.
وفي هذه الأيام كان (أمير طيىء) قرب بغداد. وفي الليلة الاولى فرّ (الشيخ بندر) (١) إليه ولاذ به فقبل دخالته وذهب به إلى الموصل. شاع هذا الخبر ولم تبق شبهة في صحته.
ومن ثم تفرقت جموعهم وذهب كل لمحلّه وسكنت البلدة.
ولم يقفوا عند هذا الحدّ بل ظهروا في ليلة على حين غرة وبلا موجب. فتجمعوا في الميدان حتى الصباح ولم يعلم غرضهم. اضطرب الناس وحذروا من سوء العاقبة.
أما الوالي فإنه خاف بطشهم فاتخذ طريق الفرار وذهب توا إلى هيت ينتظر ما يتولد من الوقائع ، وما تؤول إليه الحالة.
ولما أحس الثوار بما وقع من ذهاب الوالي خافوا ما ينجم عنه فتلوموا مدة. ومن ثم أرسلوا إليه على وجه السرعة. دعوه إلى الحضور إلى مقرّ حكومته. فوافى ونزل في الجانب الغربي من المدينة. وحينئذ تقدم إليه جماعة من رؤساء الينگچرية وأبدوا له الطاعة والإذعان وأنهم سكنوا الفتنة ونكلوا بالمتجاسرين وعلى هذا تشتت الجيش الأهلي (جند
__________________
(١) الشيخ بندر صوابه الشاهبندر ، كذا قال الدكتور مصطفى جواد. ولدى مراجعة النص وجد في گلشن خلفا (شيخبندر) تكرر كذلك. ومن مراجعة المخطوطة عرفنا أنه شاه بندر ، فجاء نص تاريخ الغرابي مصححا. وهنا يهمنا الإشارة إلى أنه من المحتمل القويّ أن يكون أصل لفظ (شاه بندر) شيخ البندر ولا ينطق الفرس ولا الترك بالخاء بل بالهاء فقالوا شهبندر أو شاه بندر فشاع ... وحيدر جلبي الشاهبندر صاحب الوقف المعروف ببغداد ب (وقف حيدر) وعندي نص وقفيته.