بغداد) قسم منه فرّ وجماعة أقاموا في محلة قنبر علي. ركنوا إلى أعوانهم هناك.
وفي هذه الحالة لم يتسرع الوزير في الأمر. وإنما راعى التؤدة لاستطلاع الأخبار على وجه الصحة فنزل (المنطقة) (١) بخيامه. اتفق رؤساء الينگچرية فأصدروا الأمر القطعي بلزوم التنكيل بالجيش البغدادي. وكان منشأ هذا الشغب من الرئيس الأول ومن كتخدا الجيش الأهلي رئيس الخيالة وعدة أفراد. طلبت الينگچرية كل هؤلاء وحذروهم من التهاون في الحضور أو التخلّف. وحينئذ استولى عليهم الرعب ولم تبق لهم قوة المقاومة فركنوا إلى طريق الصلح وأبدوا أن القتال سيؤدي إلى أن يتمكن العداء فأذعنوا للينگچرية وسلموا المذكورين إلى الباشا. فأعطى الرئيس الأول آغا اليمين ومن معه إلى (الجورباجي) فأمر بنفيه بناء على الرجاء الواقع إليه وأوعز إلى رجاله بقتل الباقين.
ثم إن الباشا قطع أرزاق نحو ثلاثمائة من الجند وفرّقهم فأصابتهم الحاجة فعاشوا ببؤس وتغرّب منهم آخرون.
دامت هذه الحوادث نحو أربعين يوما فأصابهم جزاء ما اقترفوه.
أما الوزير فإنه أبدى احتياجا إلى الحرس من الجند واضطر أن ينقاد إلى أقوال أتباعه فتغلبوا عليه ومدوا إلى الظلم الأيدي وتجاوزوا حدود الأدب في التطاول (٢).
__________________
(١) المنطقة. فيها (جامع المنطقة). ويعرف قديما ب (مسجد براثا) إلا أنه بتوالي الأيام اندثر. وتدوينات المؤرخين تابعت الشيوع مرة باسم براثا ، ومرة بجامع العتيقة ذلك ما ولّد اشتباها بأنه اسم لموقعين. والحال جاء في كتاب المشتبه للذهبي : «وبراثا محلة عتيقة بالجانب الغربي» اه ص ٢٩. والتفصيل في كتاب (المعاهد الخيرية). وفي سنة ١٩٤٩ م اتخذ مسجدا. ولا يزال تقام فيه الصلوات بعد أن كان مهملا أمدا طويلا.
(٢) كلشن خلفا ص ٨٨ ـ ٢.