للذين يئنّون من مرض حبّ الدنيا والارتباط بالمادة والشهوة. والقرآن وصفة شفاء لهذه الدنيا التي تشتعل فيها النيران في كل زاوية ، وتئن من وطأة السباق في تطوير الأسحلة المدمرة وخزنها ، حيث وضعت رأس مالها الاقتصادي والإنساني في خدمة الحرب وتجارة السلاح.
وأخيرا فإنّ كتاب الله وصفة شفاء لإزالة حجب الشهوات المظلمة التي تمنع من التقرب نحو الخالق عزوجل.
نقرأ في الآية (٥٧) من سوره يونس قوله تعالى : (قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ).
وفي الآية (٤٤) من سورة فصّلت نقرأ قوله تعالى : (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ).
ولإمام المتقين علي بن أبي طالب عليهالسلام قول جامع في هذا المجال ، حيث يقولعليهالسلام في نهج البلاغة : «فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به على لأوائكم ، فإنّ فيه شفاء من أكبر الداء ، وهو الكفر والنفاق والغي والضلال» (١).
وفي مكان آخر نقرأ لإمام المتقين علي عليهالسلام قوله واصفا كتاب الله : «ألا إنّ فيه علم ما يأتي والحديث عن الماضي ودواء دائكم ونظم ما بينكم». (٢)
وفي مقطع آخر يضمّه نهج علي عليهالسلام ، نقرأ وصفا لكتاب الله يقول فيه عليهالسلام:«وعليكم بكتاب الله فإنّه الحبل المتين ، والنور المبين ، والشفاء النافع ، والري الناقع ، والعصمة للمتمسك ، والنجاة للمتعلق ، لا يعوج فيقام ، ولا يزيغ فيستعتب ، ولا تخلقه كثرة الرد وولوج السمع ، من قال به صدق ، ومن عمل به سبق» (٣).
هذه التعابير العظيمة والبليغة ، والتي نجد لها أشباها كثيرة في أقوال النّبي الأعظمصلىاللهعليهوآلهوسلم وفي كلمات الإمام علي عليهالسلام الأخرى والأئمّة الصادقين عليهمالسلام ، هي دليل يثبت بدقة ووضوح أنّ القرآن وصفة لمعالجة كل المشاكل والصعوبات
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٧٦.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة رقم ١٥٨.
(٣) نهج البلاغة ، الخطبة رقم ١٥٨.