والأمراض ، ولشفاء الفرد والمجتمع من أشكال الأمراض الأخلاقية والاجتماعية.
إنّ أفضل دليل لإثبات هذه الحقيقة هي مقايسة وضع العرب في الجاهلية مع وضع الذين تربوا في مدرسة الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في مطلع الإسلام. إنّ المقايسة بين الوضعين ترينا كيف أنّ أولئك القوم المتعطشون للدماء ، والمصابون بأنواع الأمراض الاجتماعية والأخلاقية ، قد تمّ شفاؤهم ممّا هم فيه بالهداية القرآنية ، وأصبحوا برحمة كتاب الله من القوّة والعظمة بحيث أنّ القوى السياسية المستكبرة آنذاك خضعت لهم أعنّتها ، وذلت لهم رقابها.
وهذه هي نفس الحقيقة التي تناساها مسلمو اليوم ، وأصبحوا على ما هم عليه من واقع بائس مرير غارق بالأمراض والمشاكل ... إنّ الفرقة قد اشتدت بينهم ، والناهبين سيطروا على مقدراتهم وثرواتهم ، مستقبلهم أصبح رهينة بيد الآخرين بعد أن أصيبوا بالضعف والهوان بسبب الارتباط بالقوى الدولية والتبعية الذليلة لها.
وهذه هي عاقبة من يستجدي دواء علّته من الآخرين الذين هم اسوأ حالا منه ، في حين أن الآخرين ، ليأخذ منهم علاج الدواء حاضر بين يديه وموجود في منزله!
القرآن لا يشفي من الأمراض وحسب ، بل إنّه يساعد المرضى على تجاوز دور النقاهة إلى مرحلة القوّة والنشاط والانطلاق ، حيث تكون (الرحمة) مرحلة لا حقة لمرحلة (الشفاء).
الظريف في الأمر أنّ الأدوية التي تستخدم لشفاء الإنسان لها نتائج وتأثيرات عرضية حتمية لا يمكن توقيها أو الفرار منها ، حتى أنّ الحديث المأثور يقول : «ما من دواء إلّا ويهيج داء» (١).
__________________
(١) سفينة البحار.