وأدب الكثير من المجتمعات والنظم ، حيث تستخدم هذه الثقافة لتبرير النواقص.
إنّ هذه الثقافة تعتبر من أخطر الإعتقادات التي يمكن أن تجر المجتمع سنين بل قرون إلى الذلة والتأخّر.
بناء على ما ذكرنا نعتقد أن عقيدة الجبر هي دوما ذريعة للتسلط الاستعماري ، لكي تبقى القوّة المسيطرة في ظل ثقافة الجبر بمنأى عن ردود الفعل المقاومة للسيطرة والتي يمكن أن تنطلق من صفوف المسحوقين المستضعفين.
والتعبير المشهور هنا ، يوضح هذه الحقيقة بشكل دقيق ، إذ يقول : «الجبر والتشبيه أمويان والعدل والتوحيد علويان».
وخلاصة القول هنا : إنّ الشاكلة لا تعني أبدا الطبيعة الذاتية ، بل هي تطلق على كلّ عادة وطريقة ومذهب وأسلوب يعطي للإنسان اتجاها معينا.
لذا فإنّ العادات والصفات التي يكتسبها الإنسان بتكرار الأعمال اختياريا وإراديا ، وكذلك الإعتقادات التي يقتنع بها ويعتمدها بسبب الاستدلال أو التعصب لرأي معين يطلق عليها كلّها كلمة «شاكلة».
وعادة ما تكون الملكات الإنسانية لها صفة اختيارية ، لأنّ الإنسان عند ما يكرّر عملا ما ففي البداية يقال له (حالة) ثمّ تتحوّل الحالة إلى (عادة) والعادة إلى (ملكة) وهذه الملكات نفسها تعطي شكلا معينا لأعمال الإنسان وتحدّد خطّه في الحياة ، وهي عادة ما تظهر بفعل العوامل الاختيارية والإرادية.
وفي بعض الرّوايات تمّ تفسير «الشاكلة» بأنّها النيّة ، فقد ورد في أصول الكافي عن الإمام الصّادق عليهالسلام ، قوله : «النّية أفضل من العمل ، ألا وإنّ النّية هي العمل ، ثمّ تلا قوله عزوجل : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) ، يعني على نيّته» (١).
هذا التّفسير ينطوي على ملاحظة لطيفة ، وهي أنّ الإنسان والتي تنبع من
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ٢١٤.