بسبب التعجّب.
ما يقصده هؤلاء من سؤالهم ـ في الواقع ـ هو قولهم : لو اعترفنا بقدرة الخالق على إعادة بعث الإنسان من التراب من جديد ، فإنّ هذا يبقى مجرّد وعد لا ندري متى يتحقق ، إذا كان سيحصل هذا في آلاف أو ملايين السنين القادمة فما تأثيره في يومنا هذا ... إنّ المهم أن نتحدّث عن الحاضر لا عن المستقبل!!
ويجيب القرآن بقوله : (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) إن يوم المعاد ـ طبعا ـ قريب ، لأنّ عمر العالم والحياة على الأرض ، مهما طالت ، فإنّها في قبال الحياة الأبدية تعتبر لا شيء ، إذ هي مجرّد لحظات سريعة وعابرة وسرعان ما تنتهي.
إضافة إلى ذلك ، فإنّ القيامة إذا كانت في تصوراتنا المحدودة بعيدة فإنّ مقدمة القيامة والتي هي الموت ، تعتبر قريبة منّا جميعا ، لأنّ الموت هو القيامة الصغرى (إذا مات الإنسان قامت قيامته) ، صحيح أنّ الموت لا يمثل القيامة الكبرى ، ولكنّه علامة عليها ومذكّر بها.
كما إنّ استخدام كلمة «عسى» في الآية الشريفة هو إشارة إلى أنّ لا أحد يعرف ـ وبدقة ـ متى تقوم القيامة؟ حتى شخص الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا الأمر هو من أسرار الكون والخليفة التي لا يعلمها سوى الله تبارك وتعالى.
في الآية التي بعدها إشارة إلى بعض خصوصيات القيامة في قوله تعالى : (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) أي إن بعثكم يكون يوم يدعوكم من القبور فتمتثلون لأمره طوعا أو كرها ، والآية ـ بالطبع ـ تتحدث عن خصوصية يوم القيامة لا عن موعد القيامة.
في ذلك اليوم ستظنون أنّكم لبتثم قليلا في عالم ما بعد الموت (البرزخ) وهو قوله تعالى : (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) إنّ هذا الإحساس سيطغى على الإنسان في يوم القيامة ، وهو يظن أنّه لم يلبث في عالم البرزخ إلّا قليلا ، بالرغم من طول الفترة التي قضاها هناك ، وهذه إشارة إلى أنّ حياة البرزخ لا تعتبر في مدتها شيئا