هي رفع الحجب عن نقاء وشفافية هذه الفطرة.
هذا المعنى ورد في الخطبة الأولى من خطب نهج البلاغة حيث يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام : «ليستأدوهم ميثاق فطرته ، ويذكروهم منسي نعمته ، ويحتجوا إليهم بالتبليغ ، ويثيروا لهم دفائن العقول».
الطريف في الأمر أنّ الآية الكريمة رسمت ثلاثة مسالك ليقظة هؤلاء وإعادتهم إلى نور الهداية ، هي :
أوّلا : إنّ هذه الحقائق تلائم بشكل كامل ما هو مكنون في فطرتكم ووجدانكم وأرواحكم.
ثانيا : إنّها جاءت من قبل خالقكم.
ثالثا : عليكم أن لا تنسوا أنّكم اقترفتم الذنوب ، وأنّ منهاج عمل الأنبياء هو فتح باب التوبة من الذنوب والهداية للصواب.
لكن هذه الفئة من الناس لم تؤمن برغم كل ذلك : (إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) (١) وبذلك لا تنفع معهم دعوتك : (وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً).
ولا نعتقد أننا بحاجة إلى أن نوضح أن سبب انعدام قابلية التشخيص والقدرة والإحساس والسمع لدى هؤلاء ، إنّما كان من عند الله ، ولكن بسبب (ما قَدَّمَتْ يَداهُ) وبسبب الأعمال التي قاموا بها سابقا ، وهذا هو الجزاء المباشر لأعمالهم ولما كسبت أيديهم. بعبارة أخرى : إنّ الأعمال القبيحة السيئة والمخزية تحوّلت إلى ستار وثقل ، أي (كنان ووقر) على قلوبهم وآذانهم ، وهذه الحقيقة تذكرها
__________________
(١) كما قلنا سابقا (أكنة) جمع (كنان) على وزن كتاب ، وتعني الستار أو الحجاب و (وقر) تعني ثقل الأذن عن السماع.