كلمة «حقب» تعني المدّة الطويلة والتي فسّرها البعض بثمانين عاما ، وغرض موسى عليهالسلام من هذه الكلمة ، هو أنّني سوف لا أترك الجهد والمحاولة للعثور على ما ضيعته ولو أدّى ذلك أن أسير عدّة سنين.
ومن مجموع ما ذكرنا أعلاه يتبيّن لنا أن موسى عليهالسلام كان يبحث عن شيء مهم وقد أقام عزمه ورسّخ تصميمه للعثور على مقصوده وعدم التهاون في ذلك إطلاقا.
إنّ الشيء الذي كان موسى عليهالسلام مأمورا بالبحث عنه له أثر كبير في مستقبله ، وبالعثور عليه سوف يفتتح فصل جديد في حياته.
نعم ، إنّه عليهالسلام كان يبحث عن عالم يزيل الحجب من أمام عينيه ويريه حقائق جديدة ، ويفتح باب العلوم أمامه ، وسنعرف سريعا أنّ موسى عليهالسلام كان يملك علامة للعثور على محل هذا العالم الكبير ، وكان عليهالسلام يتحرك باتجاه تلك العلامة.
قوله تعالى : (فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما) أي السمكّة التي كانت معهما ، أمّا العجيب في الأمر فإنّ الحوت : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) (١).
وهناك كلام كثير بين المفسّرين عن نوعية السمك الذي كان معدا للغذاء ظاهرا هل كانت سمكّة مشوية ، أو مملّحة أو سمكّة طازجة حيث بعثت فيها الحياة بشكل اعجازي وقفزت الى الماء وغاصت فيه ، هناك كلام كثير بين المفسّرين.
وفي بعض كتب التّفسير نرى أنّ هناك حديثا عن عين تهب الحياة ، وأنّ السمكة عند ما أصابها مقدار من ماء تلك العين عادت إليها الحياة.
وهناك احتمال آخر وهو أن السمكّة كانت حيّة ، بمعنى أنّها لم تكن قد ماتت بالكامل ، حيث يوجد بعض أنواع السمك يبقى على قيد الحياة فترة بعد إخراجه
__________________
(١) (سرب) على وزن (جرب) كما يقول الراغب في مفرداته ، وهي تعني السير في الطريق المنحدر ، و (سرب) على وزن (حرب) تعني الطريق المنحدر.