من الماء ، ويعود إلى الحياة الكاملة إذا أعيد في هذه الفترة إلى الماء.
وفي تتمة القصّة ، نقرأ أنّ موسى وصاحبه بعد أن جاوزا مجمع البحرين شعرا بالجوع ، وفي هذه الأثناء تذكّر موسى عليهالسلام أنّه قد جلب معه طعاما ، وعند ذلك قال لصاحبه :(فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً).
(غداء) يقال للطعام الذي يتمّ تناوله في أوّل اليوم أو في منتصفه. ولكنّا نستفيد من التعابير الواردة في كتب اللغة أنّهم في الأزمنة السابقة كانوا يطلقون كلمة (غداء) على الطعام الذي يتمّ تناوله في أوّل اليوم (لأنّها مأخوذة من كلمة «غدوة» والتي تعني بداية اليوم) في حين أنّ كلمة «غداء» و «تغدّى» تطلق اليوم على تناول الطعام في وقت الظهيرة.
على أي حال ، إنّ هذه الجملة تظهر أنّ موسى ويوشع قد سلكا طريقا يمكن أن نسميه بالسفر ، إلّا أنّ نفس هذه التعابير تفيد أنّ هذا السفر لم يكن طويلا.
وفي هذه الأثناء قال له صاحبه : (قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً) (١).
ولأنّ هذا الحادث والموضوع ـ بشكل عام ـ كان علامة لموسى عليهالسلام ، لكي يصل من خلاله إلى موقع (العالم) الذي خرج يبحث عنه ، لذا فقد قال : (قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ).
وهنا رجعا في نفس الطريق : (فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً).
وهنا قد يطرح هذا السؤال : هل يمكن لنبي مثل موسى عليهالسلام أن يصاب بالنسيان حيث يقول القرآن (نَسِيا حُوتَهُما) ثمّ لماذا نسب صاحب موسى عليهالسلام
__________________
(١) إن جملة (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) جملة اعتراضية تقع في وسط الكلام ، ولأنّ هذه الجملة تذكر ـ في الواقع ـ سبب النسيان ، لذا فقد وقعت في وسط الكلام ، وهذا الأسلوب شائع خصوصا للأشخاص الذين يكونون موضع عتاب شخص أكبر ، حيث أنّهم يذكرون العلة الأصلية ضمن الكلام بشكل اعتراضي ، حتى يكون الاعتراض عليهم أقل.