أمّا الدليل الوارد حول خرق السفينة ، فهو أيضا لا يخلو من تأمل فهل نستطيع مثلا ـ ومن الوجهة الفقهية ـ أن نتلف جزءا من أموال أو بيت شخص معين بدون علمه لانقاذها من خطر ما ، حتى لو علمنا وتيقنا بأنّه سيتمّ غصب تلك الأموال في المستقبل ... ترى هل يسمح الفقهاء بمثل هذا الحكم؟!
وعلى هذا الأساس يجب علينا أن نسلك طريقا آخر :
الطريق الثّالث : إنّ في هذا العالم ثمّة نظامان هما : «النظام التكويني ، والنظام التشريعي» ، وبالرغم من أنّ هذين النظامين متناسقين فيما بينهما في الأصول الكلية ، ولكنها قد ينفصلان ويفترقان في الجزئيات.
على سبيل المثال ، يقوم الله سبحانه وتعالى ومن أجل اختبار العباد ، بابتلائهم بالخوف ونقص في الأموال والثمرات وموت الأعزّة وفقدانهم حتى يتبيّن الصابر من غيره تجاه هذه الحوادث والبلاءات.
والسؤال هنا هو : هل يستطيع أي فقيه أو حتى نبي أن يقوم بهذا العمل ، أي ابتلاء العباد بنقص الأموال والثمرات وفقدان الأعزة ، وفقدان الأمن والاستقرار بهدف اختبار الناس وابتلائهم؟
ونرى أنّ الله سبحانه وتعالى يقوم بتحذير وتربية بعض أنبيائه وعباده الصالحين ، وذلك بابتلائهم بمصائب بسبب تركهم للأولى ، مثل ما ابتلى به يعقوب عليهالسلام بسبب قلّة توجهه إلى المساكين ، أو ما ابتلى به يونس عليهالسلام بسبب تركه الأولى من بعض الأمور ولو لفترة قصيرة ... فهل يا ترى يحق لأحد أن يقوم بهذه الأعمال بعنوان الجزاء والعقاب لهؤلاء الرسل الكرام والعباد الصالحين؟
ونرى أنّ الله سبحانه وتعالى يقوم في بعض الأحيان ، بسلب النعمة من الإنسان بسبب عدم شكره ، كأن تغرق أمواله في البحر ـ مثلا ـ يخسر هذه الأموال ، أو يصاب بالمرض بسبب عدم شكره لربّه على نعمة السلامة ...
والسؤال هنا : هل يستطيع أحد من الناحية الفقهية والتشريعية أن يسلب