النعمة من الآخرين ، أو ينزل الضرر بسلامتهم وصحتهم بسبب عدم شكرهم وبدعوى ابتلائهم؟
إنّ أمثال هذه الأمور كثير للغاية ، وهي تظهر ـ بشكل عام ـ أنّ عالم الوجود ، وخصوصا خلق الإنسان ، قد قام على النظام الأحسن ، حيث وضع الله تعالى مجموعة من القوانين والمقررات التكوينية حتى يسلك الإنسان طريق التكامل ، وعند ما يتخلف عنها فسيصاب بردود فعل مختلفة.
ولكنّا من وجهة قوانين الشرع وضوابط الأحكام لا نستطيع أن نصنّف الأمور في إطار هذه القوانين التكوينية.
على سبيل المثال نرى أنّ الطبيب يستطيع أن يقطع إصبع شخص معين بحجّة عدم سراية السم إلى قلبه ، ولكن هل يستطيع أي شخص أن يقطع إصبع شخص آخر بحجّة تربيته على الصبر أو عقابا له على كفرانه للنعم؟ (بالطبع الخالق يستطيع القيام بذلك حتما لأنّه يلائم النظام الأحسن).
والآن بعد أن ثبت وتوضح أنّ في العالم نظامان (تكويني وتشريعي) ، وأنّ الله هو الحاكم والمسيطر على هذين النظامين ، لذا فلا مانع في أن يأمر تعالى مجموعة بأن تطبّق النظام التشريعي ، بينما يأمر مجموعة من الملائكة أو بعض البشر (كالخضر مثلا) بأن يطبقوا النظام التكويني.
ومن وجهة النظام التكويني لا يوجد أي مانع في أن يبتلي الله طفلا غير بالغ بحادثة معينة ، ثمّ يموت ذلك الطفل بسبب هذه الحادثة ، وذلك لعلم الله تعالى بأنّ أخطارا كبيرة كامنة لهذا الطفل في المستقبل كما أنّ وجود مثل هؤلاء الأشخاص وبقاءهم يتمّ لمصلحة معينة كالامتحان والابتلاء وغير ذلك.
وأيضا لا مانع في أن يبتليني الله اليوم بمرض صعب يقعدني الفراش لعلمه تعالى بأنّ خروجي من البيت لو تمّ فسأتعرض لحادثة خطيرة لا أستحقها ، لذا فهو تعالى يمنعني منها.