طبعا لا يوجد تناقض بين المعنيين ، ويمكن أن يشمل تعبير الآية كلا الحالتين.
بعد ذلك تضيف الآيات : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً) وبلا شك فإنّ كافة الناس سيجمعون في تلك الساحة ولن يستثنى منهم أحد ، وتعبير (فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً) إشارة إلى هذه الحقيقة.
من مجموع الآيات نستفيد أنّ ثمّة تحولان عظيمان سيحصلان عند نهاية هذا العالم وبداية العالم الجديد :
الأوّل : فناء الموجودات والناس بشكل آني.
والثّاني : إحياء الموتى بشكل آني أيضا.
ولا نعلم مقدار الفاصل بين الحدثين ، ولكنّ القرآن يعبّر عن هذين التحوّلين بعنوان (نفخ الصور) ، وسنشرح ما يعينه ذلك في نهاية الآية (٦٨) من سورة الزمر إن شاء الله.
وهناك رواية ينقلها «أصبغ بن نباتة» عن الإمام الصادق عليهالسلام ، يبيّن فيها عليهالسلام أنّ المقصود من قوله تعالى : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) هو يوم القيامة (١).
وقد يتصّور البعض أنّ هناك تعارضا بين الرّواية وبين ما ذكرناه أعلاه في تفسير الآية ، حيث قلنا : إنّها تعني مرحلة فناء الدنيا ، كما يظهر من الآيات التي تسبقها والتي تليها. لكن هذا التعارض سيزول إذا التفتنا إلى ملاحظة وهي أنّه يتمّ استخدام يوم القيامة ـ في بعض الأحيان ـ بمعناه الواسع الذي يشتمل على المقدمات) أي مقدمات القيامة) ونحن نعرف : أنّ الفناء السريع للدنيا هو أحد المقدمات.
ثمّ تتناول الآيات تفصيل حال الكافرين ، حيث توضح عاقبة أعمالهم ،
__________________
(١) تفسير العياشي ، نقلا عن الميزان في تفسير الآية.