والصفات التي تقود إلى هذه العاقبة ، فتقول : (وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً).
إنّ جهنّم ستظهر لهم ، وتتضح لهم الأنواع المختلفة من عذابها ، وهذا هو بحدّ ذاته عذاب أليم موجع ، فكيف إذا ولجوها!؟ من هم الكافرون؟ ولماذا يصابون بمثل هذه العاقبة؟
الآية تعرّف هؤلاء بجملة قصيرة واحدة بقولها : (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي) وبالرغم من أنّهم يمتكون آذانا ، إلّا أنّهم يفقدون القدرة على السماع : (وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً).
فهؤلاء أسقطوا في الواقع أهم وسيلة لمعرفة الحق وإدراكه ، وأهملوا والوسيلة الهامة في شقاء أو سعادة الإنسان ، يعني أنّهم غطّوا أعينهم وأسماعهم بحجاب وستار بسبب أفكارهم الخاطئة وتعصبهم وحقدهم وصفاتهم القبيحة الأخرى.
الطريف في الأمر أنّ الآية تقول فيما يخص العين : إنّها كانت مغطاة وبعيدة عن ذكري ، وهذه إشارة إلى أنّهم لم يستطيعوا أن يشاهدوا آثار الخالق جلّ وعلا ، لأنّهم كانوا في ستار وحجاب من الغفلة ، ولأنّهم لم يشاهدوا الحقائق فقد اختلفوا الأساطير ونسوا الله.
نعم ، إنّ الحق الواضح ، وكل شيء في هذا الوجود يتحدث مع الإنسان ، والمطلوب أن تكون للإنسان عين تنظر وأذن تسمع!
بعبارة أخرى : إنّ ذكر الله ليس شيئا يمكن رؤيته بالعين ، فما يشاهد هو آثاره ، إلّا أنّ آثاره هي التي تذكّر الإنسان بخالقه.
الآية التي بعدها تشير إلى نقطة انحراف فكرية لدى هؤلاء هي أصل انحرافاتهم الأخرى، فتقول : (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ).