ضمت النساء والرجال ـ إلى أرض الحبشة ، فقد ترك هؤلاء مكّة للخلاص من قبضة مشركي قريش ، وتنظيم أمرهم والتهيؤ بأقصى درجات الاستعداد للبرامج والمشاريع الإسلامية المستقبلية وكما توقعوا من قبل ، فإنّهم استطاعوا أن يعيشوا هناك في طمأنينة واستقرار ، ويشتغلوا بتربية أنفسهم وتزكيتها ونشر الدين الحنيف.
لقد طرق هذا الخبر أسماع زعماء قريش ، فاعتبروا هذه القضية ناقوس خطر بالنسبة إليهم ، وأحسوا بأنّ الحبشة ستكون مأوى وملجأ للمسلمين ، وربّما يرجعون إلى مكّة بعد أن تقوى شوكتهم ، وبالتالي سيخلقون للمشركين مشاكل وعراقيل عظيمة.
وبعد التشاور استقر رأيهم على انتخاب رجلين من رجال قريش النشيطين ، وإرسالهما إلى النجاشي حتى يبيّنوا للنجاشي الأخطار التي تنجم عن وجود المسلمين هناك كي يطرد هؤلاء من هذه الأرض المطمئنة. فأرسلوا «عمرو بن العاص» و «عبد الله بن أبي ربيعة» مع هدايا كثيرة إلى النجاشي وقواد جيشه.
تقول «أم سلمة» زوجة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لما دخلنا أرض الحبشة رأينا حسن استقبال ومعاملة النجاشي ، فلم نمنع من شعائر ديننا ، ولم يكن يؤذينا أحد ، إلّا أنّ قريش بعد علمها بهذه المسألة ، وإرسالها الرجلين مع الهدايا الكثيرة ، كانت قد أمرت هؤلاء أن يلتقوا بقادة الحبشة قبل لقائه ، وأن يسلموهم هداياهم ، ثمّ يقدمون هدايا النجاشي إليه ، ويطلبون منه أن يسلم المسلمين إليهم قبل أن ينبسوا ببنت شفة!
وقد نفذ هؤلاء هذه الخطة بدقة ، وقالوا مقدما لقواد وأمراء جيش النجاشي :إنّ جماعة من الشباب الحمقى قد لجؤوا إلى أرضكم ، وقد ابتعد هؤلاء عن دينهم ، ولم يعتنقوا دينكم أيضا ، وقد ابتدعوا دينا جديدا لا نعرفه ، ولا أنتم تعرفونه ، وقد أرسلنا أشراف قريش إليكم حتى نقطع شرّهم عن هذه البلاد ، ونعيدهم إلى