قومهم ، فأخذوا من حاشية النجاشي عهدا بأنّهم متى ما استشارهم النجاشي فإنّه سيؤيدون هذه الفكرة ويقولون : إن قوم هؤلاء أعلم بحالهم. ثمّ أدخلوا على الملك وكرروا ما توطئوا عليه.
لقد كانت هذه الخطة تسير خطواتها بدقة نحو الأمام ، وقد أصبحت هذه الكلمات الخداعة ، مع تلك الهدايا الكثيرة سببا في أن تصدق حاشية النجاشي هؤلاء.
وبعد أن سمع النجاشي أقوالهم غضب وقال : لا والله ، لا أسلم قوما جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم وأسألهم عمّا يقول هذا ، فإن كانا صادقين سلمتهم إليهما ، وإن كانوا على غير ما يذكر هذان منعتهم وأحسنت جوارهم.
تقول أم سلمة : فبعث النجاشي إلى المسلمين ، فتشاوروا فيما بينهم فيما يقولون ، واستقر رأيهم على أن يقولوا الحقيقة ، ويشرحوا تعليمات النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبرنامج الإسلام ، وليكن ما يكون!
لقد كان ذلك اليوم الذي عيّن لهذه الدعوة يوما عصيبا ، فإنّ كبار النصارى وعلماءهم كانوا قد دعوا إلى ذلك المجلس ، وكانت الكتب المقدسة في أيديهم ، فاستقبل النجاشي المسلمين وسألهم : ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا دين أحد من الملل؟
فتصدى جعفر بن أبي طالب عليهالسلام للجواب وقال :
«أيّها الملك كنّا أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منّا الضعيف حتى بعث الله إلينا رسولا منّا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا لتوحيد الله وأن لا نشرك به شيئا ونخلع ما كنّا نعبد من الأصنام وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش وقول الزور