أحدها للنساء ، ثم عقد لنفسه وحشمه جسرين بباب البستان. وكان بالزّندورد جسران عقدهما محمّد ، وكان الرشيد قد عقد عند باب الشماسيّة جسرين ، وكان لأبي جعفر جسر عند سويقة قاطوطا ؛ فلم تزل هذه الجسور إلى أن قتل محمّد. ثم عطّلت وبقي منها ثلاثة أيام المأمون ، ثم عطل واحد.
[و (١)] سمعت أبا على بن شاذان يقول : أدركت ببغداد ثلاثة جسور : أحدها محاذي سوق الثلاثاء ، وآخر بباب الطاق ، والثالث في أعلى البلد عند الدار المعزية محاذي الميدان. فذكر لي غير ابن شاذان أن الجسر الذي كان محاذي الميدان نقل إلى الفرضة بباب الطاق ، فصار هناك جسران يمضي الناس على أحدهما ويرجعون على الآخر.
وقال لي هلال بن المحسن : عقد جسر بمشرعة القطّانين في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة ، فمكث مدة ثم تعطل ؛ ولم يبق ببغداد بعد ذلك سوى جسر واحد بباب الطاق ، إلى أن حوّل في سنة ثماني وأربعين وأربعمائة ، فعقد بين مشرعة الروايا من الجانب الغربي ؛ وبين مشرعة الحطّابين من الجانب الشرقي ؛ ثم عطّل في سنة خمسين وأربعمائة ؛ ثم نصب بمشرعة القطّانين.
قال الشيخ أبو بكر : ولم أزل أسمع أن جسر بغداد طرازها. أنشدني على بن الحسن بن الصقر أبو الحسن قال أنشدنا على بن الفرج الفقيه الشّافعيّ لنفسه :
أيا حبّذا جسر على متن دجلة |
|
بإتقان تأسيس وحسن ورونق |
جمال وفخر للعراق ونزهة |
|
وسلوة من أضناه فرط التشوّق |
تراه إذا ما جئته متأملا |
|
كسطر عبير خطّ في وسط مهرق (٢) |
أو العاج فيه الآبنوس مرقّش |
|
مثال فيول تحتها أرض زئبق |
أنشدنا على بن المحسن قال أنشدني أبي لنفسه :
يوم سرقنا العيش فيه خلسة |
|
في مجلس بفناء دجلة مفرد |
رقّ الهواء برقّة قدّامه |
|
فغدوت رقّا للزّمان المسعد |
فكأن دجلة طيلسان أبيض |
|
والجسر فيها كالطّراز الأسود |
حدّثني هلال بن المحسن. قال : ذكر أنه أحصيت السّميريّات المعبرانيّات بدجلة في
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل ، وأضيف من مطبوعة باريس في الموضوعين.
(٢) في مطبوعة باريس : «مفرق». والمهرق : الصحيفة.