ولم أذكر من محدثي الغرباء الذين قدموا مدينة السّلام ولم يستوطنوها ، سوى من صحّ عندي أنه روى العلم بها. فأما من وردها ولم يحدث بها فإني أطرحت ذكره وأهملت أمره ، لكثرة أسمائهم ، وتعذر إحصائهم ، غير نفر يسير عددهم ، عظيم عند أهل العلم محلهم ، ثبت عندي ورودهم مدينتنا ولم أتحقق تحديثهم بها. فرأيت ألّا أخلي كتابي من ذكرهم لرفعة أخطارهم ، وعلو أقدارهم.
وكل من تقدمت وفاته بدأت بذكره دون غيره ممن مات بعده ، وإن كان المتأخر أكبر سنا وأعلى إسنادا ؛ إلا أن تتسع ترجمة في بعض الأبواب فأرتب أصحابها على توالي حروف المعجم من أوائل تسمية الآباء ، ومن شذّ عني معرفة تاريخ وفاته ذكرته في أثناء أهل طبقته ممن عاصروه.
ونسأل الله أن يعصمنا من الخطأ والزلل ، ويوفقنا لصالح القول والعمل ، إنه لطيف خبير ، وهو على كل شيء قدير.
أخبرنا أبو منصور محمّد بن عبد العزيز البزّار بهمذان قال : سمعت أبا الفضل صالح بن محمّد التّميميّ الحافظ يقول : ينبغي لطالب الحديث ومن عني به أن يبدأ يكتب حديث بلده ومعرفة أهله ، وتفهمه وضبطه حتى يعلم صحيحه وسقيمه ، ويعرف أهل التحديث به وأحوالهم معرفة تامة إذا كان في بلده علم وعلماء قديما وحديثا ، ثم يشتغل بعد بحديث البلدان والرحلة فيه.