بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة المصنف
الحمد لله الذي خلق السموات والأرض ، وجعل الظلمات والنور ، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ، لا يحصى عدد نعمته العادّون ، ولا يؤدي حق شكره المتحمّدون ، ولا يبلغ مدى عظمته الواصفون ، بديع السموات والأرض ، وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.
أحمده على الآلاء ، وأشكره على النعماء ، وأستعين به في الشدة والرخاء ، وأتوكل عليه فيما أجراه من القدر والقضاء ؛ وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأعتقد أن لا رب إلا إياه ، شهادة من لا يرتاب في شهادته ، واعتقاد من لا يستنكف عن عبادته.
وأشهد أن محمّدا عبده الأمين ، ورسوله المكين ، حسّن الله به اليقين ، وأرسله إلى الخلق أجمعين ، بلسان عربي مبين ؛ بلغ الرسالة ، وأظهر المقالة ، ونصح الأمة ، وكشف الغمة ، وجاهد في سبيل الله المشركين ، وعبد ربه حتى أتاه اليقين ؛ فصلى الله على محمّد سيد المرسلين ، وعلى أهل بيته الطّيّبين ، وأصحابه المنتخبين ، وأزواجه الطّاهرات أمهات المؤمنين ، وتابعيهم بالإحسان إلى يوم الدين.
هذا كتاب «تاريخ مدينة السّلام وخبر بنائها ، وذكر كبراء نزّالها ، وذكر وارديها وتسمية علمائها». ذكرت من ذلك ما بلغني علمه ، وانتهت إليّ معرفته ؛ مستعينا على ما يعرض من جميع الأمور بالله الكريم ، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أخبرنا عبد العزيز بن أبي الحسن القرميسيني قال : سمعت عمر بن أحمد بن عثمان يقول : سمعت أبا بكر النّيسابوريّ يقول : سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول قال لي الشّافعيّ : يا يونس دخلت بغداد؟ قال : قلت : لا. قال : ما رأيت الدّنيا (١).
***
__________________
(١) انظر الخبر في : المنتظم لابن الجوزي ٨ / ٨٤.