بالسواد للخضرة التي في النخيل والشجر والزرع ، لأن العرب قد تلحق لون الخضرة بالسواد فتوضع إحداهما موضع الآخر ، ومن ذلك قول الله تعالى حين ذكر الجنتين : (مُدْهامَّتانِ [الرحمن ٦٤] هما في التفسير خضراوان ، فوصفت الخضرة بالدهمة وهي من سواد الليل ، وقد وجدنا مثله في أشعارهم.
قال ذو الرمة :
قد أقطع النازع المجهول معسفة |
|
في ظل أخضر يدعو هامة البوم |
يريد : بالأخضر ـ الليل ـ سماه بهذا لظلمته وسواده.
أخبرنا على بن محمّد بن عبد الله المعدّل قال أنبأنا إسماعيل بن محمّد الصفار قال نبأنا الحسن بن على بن عفان قال نبأنا يحيى بن آدم قال قال حسن بن صالح : وأما سوادنا هذا فإنا سمعنا أنه كان في أيدي النبط فظهر عليهم أهل فارس فكانوا يؤدون إليهم الخراج فلما ظهر المسلمون على أهل فارس تركوا السواد ومن لم يقاتلهم من النبط والدهاقين على حالهم ، ووضعوا الجزية على رءوس الرجال ؛ ومسحوا عليهم ما كان في أيديهم من الأرض ووضعوا عليها الخراج ، وقبضوا كل أرض ليس في يد أحد ، فكانت صوافي إلى الإمام.
قال يحيى : كل أرض كانت لعبدة الأوثان من العجم أو لأهل الكتاب من العجم أو العرب ممن تقبل منهم الجزية ، فإن أرضيهم أرض خراج إن صالحوا على الجزية على رءوسهم والخراج على أرضيهم ؛ فإن ذلك يقبل منهم ، وإن ظهر عليهم المسلمون فإن الإمام يقسم جميع ما أجلبوا به في العسكر من كراع أو سلاح أو مال بعد ما يخمسه وهي الغنيمة التي لا يوقف شيء منها. وذلك قوله عزوجل : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) [الأنفال ٤١]. وأما القرى والمدائن والأرض فهي فيء كما قال الله تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) [الحشر ٧]. فالإمام بالخيار في ذلك إن شاء وقفه وتركه للمسلمين ؛ وإن شاء قسمه بين من حضره (١).
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال أنبأنا عبد الله بن إسحاق قال أنبأنا على بن عبد العزيز قال قال أبو عبيد : إنما جعل ـ يعني عمر ـ الخراج على الأرضين التي تغل
__________________
(١) انظر الخبر في : كتاب الخراج ، ليحيى بن آدم ص ٢١ ، ٢٢.