ثم قال : الحمد لله ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. فلذلك قال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير بن الخطفي عند تحوّل الخلفاء من بغداد :
أعاينت في طول من الأرض والعرض |
|
كبغداد دارا إنها جنّة الأرض |
صفا العيش في بغداد واخضرّ عوده |
|
وعيش سواها غير صاف ولا غضّ |
تطول بها الأعمار إنّ غذاءها |
|
مريء وبعض الأرض أمرأ من بعض |
قضى ربها أن لا يموت خليفة |
|
بها إنه ما شاء في خلقه يقضي |
تنام بها عين الغريب ولن ترى |
|
غريبا بأرض الشام يطمع في غمض |
فإن خربت بغداد منهم بقرضها |
|
فما أسلفت إلا الجميل من القرض |
وإن رميت بالهجر منهم وبالقلى |
|
فما أصبحت أهلا لهجر ولا بغض |
وقد رويت هذه الأبيات لمنصور النمري ، والله أعلم.
أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن عبد لله الكاتب قال أنبأنا أبو جعفر محمّد ابن محمّد مولى بني هاشم ـ يعرف بابن متيّم ـ قال نا أحمد بن عبيد الله بن عمّار. قال قال أبو عبد الله محمّد بن داود بن الجرّاح : ولم يمت بمدينة السّلام خليفة مذ بنيت إلّا محمّد الأمين ، فإنه قتل في شارع باب الأنبار وحمل رأسه إلى طاهر بن الحسين وهو في معسكره بين بطاطيا وباب الأنبار. فأما المنصور : وهو الذي بناها فمات حاجّا وقد دخل الحرم ، ومات المهديّ بماسبذان ، ومات الهادي بعيساباذ ، ومات هارون بطوس ، ومات المأمون بالبذندون من بلاد الروم وحمل فيما قيل إلى طرطوس فدفن بها ؛ ومات المعتصم بسرّ من رأى. وكل من ولي الخلافة بعده من ولده وولد ولده إلا المعتمد والمعتضد والمكتفي فإنهم ماتوا بالقصور من الزّندورد فحمل المعتمد ميتا إلى سرّ من رأى ، ودفن المعتضد في موضع من دار محمّد بن عبد الله بن طاهر ، ودفن المكتفي في موضع من دار ابن طاهر.
قال الشيخ أبو بكر : ذكرت هذا الخبر للقاضي أبي القاسم على بن المحسن التّنوخيّ رحمهالله. فقال : محمّد الأمين أيضا لم يقتل في المدينة ، وإنما كان قد نزل في سفينة إلى دجلة ليتنزه فقبض عليه وسط دجلة وقتل هناك ، ذكر ذلك الصولي وغيره.وقال أحمد بن أبي يعقوب الكاتب : قتل الأمين خارج باب الأنبار عند بستان طاهر.قال الشيخ : عدنا إلى خبر بناء مدينة السّلام.
***